أكّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية، تورّط الجيش اللبناني في اعتقال وترحيل آلاف السوريين بشكل تعسفي، من بينهم أطفال غير مصحوبين بذويهم، إلى سوريا، حيث تمّ تسليمهم إلى سلطة اﻷسد ليواجهوا مصيراً مجهولاً.
وذكر تقرير للمنظمة نشرته اليوم الأربعاء، أن السوريين في لبنان يعيشون في خوف دائم من إمكانية اعتقالهم وإعادتهم إلى بلدهم مع ظروف مروعة، حتى لو كان لديهم وضع يمنحهم حق اللجوء، مطالباً السلطات اللبنانية بتمكين السوريين من تسوية أوضاعهم في لبنان.
ووقع العدد الأكبر من الانتهاكات بين أبريل/نيسان ومايو/أيار من العام الحالي 2023، بحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش”.
وقال سوريون مُرحّلون إن الجيش اللبناني تجاهل وضعهم كلاجئين أو مخاوفهم من تعرضهم للاضطهاد في حالة إعادتهم، وذكر أحدهم للمنظمة الدولية أن قوات سلطة اﻷسد احتجزته تعسفياً، وعذبته، وجنّدته قسراً بعد ترحيله في أبريل/نيسان.
وتصاعدت حركة الترحيل منذ 1 يناير/كانون الثاني، واستهدفت عموماً السوريين الذين ليس لديهم وضع قانوني في جميع أنحاء لبنان، وهو ما يعني أن “على الحكومات المانحة التي تدعم الجيش اللبناني أن تحث السلطات اللبنانية على وقف عمليات الترحيل هذه، وضمان أن الأموال التي تقدمها لا تسهم في انتهاكات الحقوق أو تديمها”، وفقاً للتقرير.
ولفت رمزي قيس، الباحث اللبناني في “هيومن رايتس ووتش” إلى أن بلده “تستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان وسط أزمة اقتصادية شديدة”، لكنه أكد أن “هذا ليس عذراً للإمساك بالسوريين ورميهم خلف الحدود ليقعوا في قبضة حكومتهم المتعسفة، حيث يعيشون في لبنان وسط خوف دائم”.
وأضاف تقرير المنظمة أنها وجهت في 8 يونيو/حزيران، رسائل تحتوي نتائج بحثية إلى الجيش و”الأمن العام” اللبنانيَّين، ورد الجيش في 22 يونيو/حزيران، قائلاً إنه ينفذ قرار “المجلس الأعلى للدفاع” في 24 أبريل/نيسان 2019 بترحيل السوريين الذين دخلوا لبنان بشكل غير نظامي بعد أبريل/نيسان 2019.
وادعى الجيش اللبناني أيضاً أنه يتصرف وفقاً لنتائج الاجتماع الوزاري في 26 أبريل/نيسان، وأن عمليات الترحيل تتم كجزء من العمليات الأمنية، بناء على “تهديدات أمنية مؤكدة”، منكراً تورطه في الترحيل التعسفي أو المنهجي للسوريين.
وأكدت هيومن رايتس عدم صحة تلك الادعاءات، ففي 15 من 16 حالة راجعتها، دخل المُرحَّلون لبنان قبل 2019 ورُحّلوا قبل الاجتماع الوزاري في 26 أبريل/نيسان.
وقال ثلاثة سوريين إنهم لم يسمعوا عن أفراد عائلاتهم منذ اعتقالهم وترحيلهم، فيما تلقى اثنان آخران مكالمات هاتفية من أقاربهما بعد عدة أيام من الترحيل، وكان أحدهم محتجزاً لدى “الفرقة الرابعة”، وذكر شخص قابلته “هيومن رايتس ووتش” أن “المخابرات العسكرية” اعتقلته مع 12 شخصاً آخرين بعد ترحيلهم واحتجزتهم في “الفرع 235″، المعروف بـ “فرع فلسطين”، في دمشق، حيث تعرضوا لتعذيب شديد، بما في ذلك الصعق بالكهرباء، والضرب بأنبوب ماء، والتعليق بالسقف من أيديهم.
وبحسب “مصدر إنساني” فقد جرت منذ أبريل/نيسان 2023، أكثر من 100 مداهمة، و2,200 اعتقال، و1,800 ترحيل للاجئين السوريين، لكن موجة الترحيل في 2023 هي “الأشد خطورة”.
يشار إلى أن الحكومة اللبنانية أعلنت أمس تشكيل لجنة ثلاثية مشتركة مع سلطة الأسد والأمم المتحدة بشأن اللاجئين.