كشف تحقيق صحفي عن تورط السلطات اﻹيطالية وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” في حادثة غرق مركب للمهاجرين، جرت قرب إحدى سواحل البلاد، منذ أشهر، وراح ضحيتها ما يقرب من مئة شخص.
وقال موقع “Light house reports” اﻷوروبي المتخصص بالتحقيقات الصحفية إن إيطاليا “كذبت بشأن دورها في غرق السفينة”، وإن السلطات المسؤولة كانت على علم بحجم الخطر الذي أحاط بقارب المهاجرين قبل غرقه.
وكانت الحادثة قد أودت بحياة 94 شخصاً؛ من بينهم 35 طفلاً، خلال الساعات الأولى من يوم 26 شباط/ فبراير 2023؛ حيث تحطم قارب خشبي يُقل 200 طالبي لجوء، معظمهم من أفغانستان بالقرب من الشاطئ في “كوترو” بإيطاليا.
وأكد التحقيق أن وكالة الحدود الأوروبية “فرونتكس” ساعدت في التستر على القضية، حيث رصدت القارب المحمّل قبل ست ساعات من تحطم السفينة، وكان في وضعٍ خطرٍ بسبب سوء الأحوال الجوية.
وتبادلت كل من سلطات الحدود الإيطالية ووكالة الحدود الأوروبية اللوم في المسؤولية عن الحادثة، وادعت “فرونتكس” أن القارب لم يُرسل “أي علامات استغاثة” وأن الأمر متروك لإيطاليا لتقرر ما إذا كانت ستبدأ في عملية الإنقاذ، فيما ادعى رئيس الوزراء الإيطالي أنهم كانوا لا يعرفون أن القارب “تحت خطر الغرق” ولم يتدخلوا لأن “فرونتكس” لم ترسل لهم أي “اتصال طارئ”.
وقال رئيس الوزراء في تعليقٍ سابق على الحادثة: “هل يعتقد أي منكم أنه كان بإمكان الحكومة الإيطالية أن تنقذ حياة عشرات اﻷشخاص، بما في ذلك طفل يبلغ من العمر حوالي ثلاث سنوات تم العثور على جثته اليوم، ولم يحدث ذلك؟”.
وأكد تحقيق مشترك أجراه الموقع مع “شركاءه” أن كلا من السلطات الإيطالية وقيادة “فرونتكس” كانا على علم بأن القارب أرسل علامات استغاثة عندما شوهدت السفينة لأول مرة قبل ست ساعات من تحطم السفينة، لكنهما قررا مع ذلك عدم التدخل، وحاولا إخفاء مدى معرفتهما.
وكان القارب الخشبي الذي يبلغ طوله حوالي 25 متراً فقط، مكتظاً بنحو 200 من النساء والأطفال والرجال الفارين من الحروب، على أمل الوصول إلى حياة أفضل، و”مع توفر القليل من لقطات الفيديو، قرر المحققون عمل نموذج ثلاثي الأبعاد للسفينة لفهم وشرح المخاطر التي كان الناس على استعداد لتحملها”.
وكان الكثير من المهاجرين مكتظين بالطابق السفلي للقارب، ولم يكن لديهم فرصة للبقاء على قيد الحياة عندما غرق القارب لأن مخرجهم الوحيد كان درجاً ضيقاً واحداً.
وقال الموقع إنه حصل على تقارير سرية مسربة عن مهمة “فرونتكس” كشفت أن طائرة تديرها وكالة الحدود أبلغت عن علامات استغاثة لكل من الوكالة والسلطات الإيطالية، وقد حذر المشغلون من “رياح قوية” في البحر قبل ساعات من وصول القارب.
كما أن “فرونتكس” اكتشفت السفينة عن طريق تتبع مكالمات هاتفية متعددة عبر الأقمار الصناعية أجراها على مدار اليوم أشخاص على متنها، ويُظهر سرد مفصل لمكالمات الطيار أن “فرونتكس” كانت تعلم أنها كانت “سفينة مهاجرين محتملة”، بدون سترات أمان أو معدات.
ويشكل سوء الأحوال الجوية والافتقار إلى سترات النجاة والاكتظاظ علامات تدل على الحاجة للمساعدة، بموجب القواعد البحرية الخاصة بـ”فرونتكس” وإيطاليا؛ كما أن وكالة الحدود الأوروبية أخفت حقيقة أن طيارها قد أشار إلى رياح قوية في رسالة إلى غرفة التحكم أثناء رحلة المراقبة.
يشار إلى أن مجموعة من محامي بعض عائلات الضحايا يخططون لرفع قضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، من أجل تحميل إيطاليا المسؤولية عن “الانتهاك غير القابل للإصلاح الذي أودى بحياة المهاجرين”.