نضال العبدو – حلب اليوم
تتهم سلطة اﻷسد بشكل مستمر اﻷمريكيين بنهب ثروات البلاد، في الجزء الخاضع لهم شمال شرقي سوريا، عبر “أدواتهم” في إشارة إلى قوات “قسد”، مطالبةً باستعادة السيطرة على المنطقة وخروج الاحتلال.
ومن جملة الادعاءات التي تروّج لها أجهزة اﻹعلام الموالية، قضية نهب اﻵثار السورية، حيث يتم الإلقاء باللوم على الاحتلال اﻷمريكي، وتحاول سلطة اﻷسد لعب دور الحامي لتراث البلاد.
في محاولة لاستكشاف تفاصيل الموضوع تواصلت “حلب اليوم” مع الصحفي السوري المختص باﻵثار “عمر البنية” للتعليق على ما يتم تداوله حول الموضوع.
يقول “مأمون عبد الكريم” اﻷستاذ في قسم اﻵثار بجامعة دمشق، والذي شغل منصب المدير العام لمديرية اﻵثار والمتاحف، إن كميات من اﻵثار السورية تمّ استخراجها من منطقة شرق الفرات، ونُقلت إلى القواعد اﻷمريكية هناك بالتعاون مع “قسد”، قبيل توجّهها نحو القواعد العسكرية بالعراق في طريقها نحو الخارج.
ويوجد عدد لا حصر له من القطع اﻷثرية السورية والعراقية في المتاحف الغربية، والتي وصلت إلى هناك بطرق مجهولة، إلا أن “البنية” يؤكد تماماً أن سلطة اﻷسد هي المسؤول اﻷول عن هذا الواقع.
ووصف الصحفي السوري تصريح “مأمون عبد الكريم” بأنه “عبارة عن استغلال سياسي لملف اﻵثار لا أكثر ولا أقل”، مضيفاً: “إذا كان يتهم اﻷمريكيين بسرقة اﻵثار فماذا كان يعمل قبل سنتين أو ثلاثة في الحسكة عندما التقى برئيس هيئة اﻵثار في “قسد” والتقط معه الصور، وهو يعلم أنها مدعومة من قبل اﻷمريكيين؟”.
ويُطالب “عبد الكريم” بـ”تضامن عالمي” لحماية الآثار السورية من النهب، لكنّ “البنية” يؤكد أن “مستودعات البعثات اﻷثرية العاملة في المنطقة فُرّغت تماماً من محتوياتها في تلك الفترة التي كان ‘عبد الكريم’ موجوداً فيها بالحسكة، بينما لم تقم قسد بإعداد قوائم أو تصاريح عن الموضوع”.
وشدّد على وجود تعاون بين سلطة اﻷسد و”قسد” في ملف النهب المنظم للآثار، مستشهداً بـ”دليل قاطع وهو الصورة المشتركة لمأمون عبد الكريم ورئيس هيئة اﻵثار لدى قسد”، حيث “كان عبد الكريم يعمل في مشاريع مشتركة مع أسماء اﻷسد”.
وفي مؤشر آخر على قربه من أسماء اﻷسد والقصر الجمهوري ورأس السلطة، ظهر “عبد الكريم” بين الحضور في “خطاب القسم” اﻷخير لـ”بشار اﻷسد”، والذي ألقاه بعد إعادة تنصيبه.
أين تذهب عوائد تهريب اﻵثار؟
يُدر بيع وتهريب اﻵثار أموالاً طائلة، قد لا تقلّ عن تجارة وبيع “الكبتاغون”، فيما تعمل سلطة اﻷسد منذ تشديد العقوبات الغربية على خلق “اقتصادٍ موازٍ” يؤمن لها الاستمرار في تدفق اﻷموال، بعيداً عن تفكك أو انهيار مؤسسات الدولة.
وبينما تعاني كافة القطاعات العامة والخاصة ويزداد الفقر الذي يهدد لقمة عيش السوريين، تذهب عوائد اﻵثار لمسؤولي سلطة اﻷسد وضباط القصر الجمهوري والعصابات المدارة من قبل أسماء وبشار اﻷسد، وفقاً لما يؤكده “البنية”.
وتجري عملية تهريب اﻵثار للخارج عبر طرق أهمها من لبنان حيث تسيطر ميليشيا “حزب الله” على الحدود، كما يتم التهريب عبر المنطقة الشرقية نحو العراق حيث تسيطر الميليشيات اﻹيرانية على المنطقة.
وتُعتبر مدينة “تدمر” إحدى أهم مصادر القطع اﻷثرية، فهناك “الكل ينشط في تهريب اﻵثار.. سلطة اﻷسد وحزب الله وفاغنر”، ولعل هذا ما يُفسر تدخل اﻷخيرة في الحرب واهتمامها الخاص بتدمر وطرد تنظيم الدولة منها، والضجة اﻹعلامية التي أثيرت حول الموضوع.
من المسؤول اﻷول عن نهب اﻵثار السورية؟
يؤكد الصحفي السوري أن هناك عصابات متخصصة القصر الجمهوري بسرقة اﻵثار، وأن “المسؤول اﻷول واﻷخير عن ذلك هي سلطة اﻷسد”.
ويحمي ضباط القصر الجمهوري المقربون من بشار وأسماء اﻷسد شبكات تعمل معهم داخل مديرية اﻵثار، ويُعتبر “مأمون عبد الكريم” من أهم الشخصيات في هذا اﻹطار.
وتجري العمليات بالتعاون مع شبكات تجار ومهربين، حيث “تقوم هذه العصابات بتأمين الحماية لمسؤولي مديرية اﻵثار، كما يؤكد “البنية” أن علاقات سلطة اﻷسد في مجال سرقة وتهريب اﻵثار وصلت إلى التنسيق مع عدة تنظيمات بما فيها تنظيم الدولة.
ولا يقتصر اﻷمر على نهب التراث السوري، حيث تؤكد تقارير متقاطعة على عوائد ضخمة كانت تُجنى من آبار البترول وينتهي بها المطاف في حسابات شخصية لبشار اﻷسد ومقربين منه، قبل أن تتحول تلك العائدات إلى “قسد” ويبقى السوريون محرومين منها.