لا تزال مناطق واسعة في ريف حمص الشمالي محرومة من المدارس بعد أعوام من استعادة سلطة اﻷسد للسيطرة عليها، فيما تنشغل اﻷخيرة بنهب وتفكيك الحديد من اﻷبنية، دون تعويض النقص.
وكانت عمليات القصف والحصار على المنطقة قد أدت لتعرض عدد كبير من المدارس للضرر، خاصةً في تلبيسة والرستن، لكنها لم تسقط، ويُشكّك البعض في دواعي هدمها.
وتجري عمليات الهدم للمدارس المتضررة ببطء شديد مع حصر العملية بمتعهد واحد دون الإعلان عن مناقصة، ودون إصدار اللجان الهندسية تقييمات لحالتها الفنية ومدى حاجتها للهدم، وفقاً لما تؤكده صحيفة “تشرين” الموالية لسلطة اﻷسد.
وبحسب ادعاء الصحيفة فإنه يتم السماح للمتعهد بالهدم على أن يأخذ الحديد ويبيعه مقابل ترحيل الأنقاض، دون اﻹشارة إلى طبيعة أولئك المتعهدين.
يؤكد مراسل “حلب اليوم” في حمص أن “الفرقة الرابعة” هي من تقوم بعمليات الهدم في المنطقة بشكل حصري، فبعد “تعفيش” ممتلكات اﻷهالي المهجرين ونهب بيوتهم ومحالهم التجارية لم يبقَ إلا المدارس الفارغة من طلابها.
ولا يُميّز ضباط الفرقة بين الأبنية التي تحتاج للهدم أو تلك التي ما تزال في حالة جيدة، كما أنهم لا ينتظرون إجراء مناقصات للشروع بأعمالهم، وفقاً لما نقله المراسل عن مصادر محلية.
وتقول الصحيفة إن معظم المدارس المتضررة بريف حمص الشمالي سويّت بالأرض خلال الشهرين الماضيين، وسط العديد من “المخالفات القانونية” أثناء عمليات الهدم، وأبرزها “عدم الإعلان عن مناقصة لإجراء العملية”.
وبحسب التقرير فإنه يفترض أن يجري الهدم وترحيل اﻷنقاض بعد إعداد دراسة فنية تتم بناء على تقارير سلامة إنشائية للمدارس من قبل “لجنة السلامة الإنشائية”، ولكن لا أحد يكترث بذلك.
وذكر فرع نقابة المهندسين بحمص، أن النقابة وافقت على هدم مدرستين فقط من أصل عشرة مدارس تمّ هدمها بالمنطقة حتى اليوم، وهي: مدرسة “مصطفى الحاج علي” وأربع كتل أبنية من “الثانوية الصناعية”، و80% من مدرسة “16 تشرين” و”خالد فرزات” و”عبد الكريم الخطيب”، مع قسم كبير من مدرسة “رضوان قطيع” وكتلتين من مدرسة “سلمان طياوي” ومدرسة “الشيخ عبد القادر طلاس”.
وأوضحت النقابة أن كل تلك المدارس تعرضت للهدم الكلي أو الجزئي، دون وجود تقارير من “لجنة السلامة الإنشائية”، كما أن التقريرين اللذين هُدمت بموجبها مدرستان “لا يرقيان لمستوى تقرير السلامة الذي يخضع لتجارب خاصة”، حيث “تم تشكيل لجنة على عجل، واتخذت القرار بالهدم بوقت قصير لم يشمل ربما الدراسة والتحليل والتجارب الخاصة بقرار الهدم”.
وفيما تجري عمليات الهدم على قدم وساق تقول مديرية التربية بحمص التابعة لسلطة اﻷسد، إنه لا توجد لديها الميزانية الكافية للترميم، كما أن “العديد من المنظمات الدولية التي زارت المدارس رفضت ترميمها، للتكاليف العالية، وعدم السلامة الإنشائية فيها”، وفقاً لرئيس دائرة الأبنية المدرسية بالمديرية “عبد الله المغرب”.
يُشار إلى أن الفرقة الرابعة أنشأت مجموعات مختصة بترحيل اﻷنقاض وهدم المباني وإزالة الحديد منها، في كافة المناطق التي دخلتها قوات سلطة اﻷسد في شمال وجنوب ووسط البلاد.
وتقوم تلك المجموعات التي تنقسم إلى فرق مختصة بإزالة وتفكيك وبيع كل شيء، من البلاط إلى الحديد وحتى الحنفيات وأسلاك الكهرباء وخزانات المياه، كما أن “الفرقة الرابعة” استولت على اﻷراضي الزراعية المملوكة للمهجرين وقامت بتأجيرها أو تسليمها لمستثمرين.