لا يزال المصابون جراء الزلزال الذي ضرب بقوة 7.8 درجة تركيا وسوريا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، يعانون من ضعف أو انعدام اﻹمكانات المطلوبة للعلاج.
ويوجد نحو 8500 مُصاب في شمال غرب سوريا، يصارع الأطباع الزمن لعلاجهم، وسط نقص في الخدمات الطبية، بحسب تحقيق أجرته دورية Nature.
ويوجد في المنطقة نحو 64 جهازاً للأشعة السينية، و73 جهازاً لغسيل الكلى، و7 أجهزة تصوير مقطعى محوسب، وجهاز واحد للتصوير بالرنين المغناطيسي، فقط.
وأودى الزلزال بحياة أكثر من 4500 شخص وتسبب في وقوع إصابات بين 8500 آخرين شمال غرب سوريا، وهي منطقة تفتقر إلى حكومة موحدة، و”انقطعت أوصالها عن سائر العالم” منذ أكثر من 12 عاماً.
ووسط تداعي نظام الرعاية الصحية الذي كان متهالكاً من الأصل على أثر الزلزال؛ لا توفر منظومة الرعاية الصحية بالمنطقة إلا جهازاً واحداً فقط للتصوير بالرنين المغناطيسي لـ4.7 مليون شخص.
ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تعرض أكثر من عشرة آلاف مبنى لتدمير كلي أو جزئي من أثر الزلزال، وهو ما نتج عنه تشريد أحد عشر ألف شخص، ناهيك عن أن الزلزال دمر أيضًا مستودعات لتخزين الأدوية.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن المستشفيات المفتوحة حالياً لاستقبال الحالات، لا يتوفر بها سوى 1245 سرير للإقامات الطبية القصيرة، و86 جراح عظام على مستوى شمال غرب سوريا.
وقالت طبيبة أمراض النساء “إكرام حبوش”، وهي مديرة مستشفى الولادة العام الوحيد في مدينة إدلب، إن “الوضع الطبي في شمال غرب سوريا كارثي”.
من جانبه ذكر “عبد الكريم إقزيز”، اختصاصي علم الأوبئة من جامعة “كينجز كوليدج” في لندن”، أن “مخزون المنطقة من المضادات الحيوية نفد منذ اليوم الثالث” بعد الزلزال، معرباً عن خوفه من حالات عدوى واسعة الانتشار.
وفي هذا الصدد، تضيف “حبوش”: “استهلكنا في غضون يومين أو ثلاثة أيام مخزوناً من الأدوية والأمصال أمكن أن يكفي لمدة تتراوح من أربعة إلى ستة أشهر”.
وقد شرعت منظمة الصحة العالمية في تدشين عمليات شحن جوي لأدوية وإمدادات طبية إلى المنطقة، لكنها صرحت بأن المنطقة بحاجة أيضاً إلى معدات تشخيص أساسية مثل أجهزة الأشعة السينية.
ويوضح “إقزيز” الباحث المُشارك في مشروع تموله المملكة المتحدة يُسمى “أبحاث دعم المنظومة الصحية في سوريا” Research for Health System Strengthening in Syria، أن النقص الحرج في خدمات الرعاية الصحية في المنطقة يعود في جزء منه إلى استهداف المستشفيات والطواقم الطبية خلال الحرب.
وفي دراسة منفصلة، أشار إلى أن عدد المنشآت الطبية التي تعرضت للهجوم هناك منذ يونيو عام 2021 بلغ 350 منشأة، كما بلغ عدد القتلى من موظفي الرعاية الصحية 930 شخصاً.
ووفقاً لثلاثة أطباء أجرت دورية Nature مقابلات صحفية معهم في شمال غرب سوريا، كانت الإصابات الأكثر شيوعاً هي كسور الأطراف والإصابات الرضحية، والإصابات الانضغاطية، بما في ذلك متلازمة الإصابة الانضغاطية (وهي إصابة تؤدي إلى اختلال وظائف الأعضاء والفشل الكلوي).
ويفيد “جواد أبو حطب”، طبيب أمراض القلب وعميد كلية الطب في جامعة حلب الحرة شمال غرب سوريا، بأن المصابين بمتلازمة الإصابة الانضغاطية يحتاجون إلى إيداعهم غرف عناية مركزة وإلى جلسات غسل كلوي، بيد أن البيانات التي جمعتها منظمة الصحة العالمية تُشير إلى أن عدد أجهزة الغسل الكلوي في تلك المنطقة لا يزيد على 73 جهازاً.
علاوة على ذلك، يوضح “أبو حطب” بالقول: “وُجدت أيضًا إصابات بأزمات قلبية بسبب الصدمات والأهوال التي تمخض عنها الزلزال”، ومن هنا، يتأهب المجتمع الطبي لمواجهة مزيد من حالات المصابين بصدمات ما بعد الزلزال، خاصة بين الأطفال والنساء.
ويُشدد الأطباء على حاجتهم الماسة إلى مزيد من آلات الغسل الكلوى ومعدات جراحة العظام، فضلًا عن المسكنات والمضادات الحيوية، وهو ما تعلل له “حبوش” قائلة: “لم تكن هذه اللوازم متاحة بوفرة قبل الزلزال”، مشيرة إلى أنها توشك على النفاد في الوقت الراهن.
ويُشار إلى ضعف الاستجابة الدولية واﻷممية لشمال غربي سوريا، وسط تراجع اﻹمدادات بالرغم من الإعلان عن “برامج طارئة”.