تتعرض الحكومة اﻹيطالية لضغوطات مستمرة من أجل تخفيف القيود المفروضة على عمليات الإنقاذ البحري، والتي أدت إلى تزايد حالات الغرق في أوساط طالبي اللجوء، اﻷمر الذي أُعيد تسليط الضوء عليه بعد الحادثة التي شهدتها سواحل البلاد منذ أيام وراح ضحيتها العشرات.
وتُتّهم الحكومة اليمينية برئاسة رئيسة الوزراء الإيطالية “جيورجيا ميلوني” بأنها تصعّب العمل في وجه منظمات الإنقاذ، التطوعية والتي تؤكد أنها “لا تفكر في الاستسلام”، بحسب ما نقله تقرير للتلفزيون اﻷلماني DW.
وأصدر الائتلاف الحاكم، بقيادة الحزب اليميني المتطرف “أخوة إيطاليا”، مرسوماً في مطلع العام يتضمن قواعد جديدة تسري فور إنقاذ الأشخاص المعرضين للخطر، حيث يجب على سفن الإنقاذ الإبلاغ عن مثل هذه العملية على الفور، وتتم إحالتها إلى أحد الموانئ الإيطالية.
وبحسب التقرير فإن هذا يعني أن السفن لن تستطيع، كما في السابق، القيام بالعديد من عمليات الإنقاذ في نفس المنطقة في تتابع سريع، ثم تبحث عن مرسىً لها في أحد الموانئ، كما أن العقبة الأصعب هي أنه يتم غالباً يتم تخصيص الموانئ البعيدة في النصف الشمالي من إيطاليا، لاستقبال هذه السفن.
كما تفرض الحكومة الإيطالية غرامات على السفن المخالفة، بشكل يصعب معه تجنبها، وتتبنى “ميلوني” وجهة النظر القائلة بأن الدول التي ترفع علمها سفن الإنقاذ، هي التي يجب أن تكون البلد الأول الذي استقبل هؤلاء المهاجرين، والمسؤول بالتالي عن طلبات لجوئهم، و”هذا يشمل خصوصا ألمانياً في كثير من الحالات”.
ويُقدم الكثير من المهاجرين على محاولاتهم عبور البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا، رغم أنه أمر محفوف بالمهالك، راغبين في مستقبل أفضل في أوروبا، وهو ما حصل نهاية الأسبوع الماضي، حيث تحطم قارب، كان على متنه 150 شخصاً على الأقل، قبالة ساحل “كالابريا” في إيطاليا، ولقي 62 مهاحراً حتفهم.
وازدادت محاولات العبور الخطرة في الأسابيع القليلة الأولى من العام الحالي، حيث يؤكد متطوعو الإنقاذ البحري في إيطاليا تفاقم التحديات أمامهم، مع النظر إلى موقعها في وسط البحر الأبيض المتوسط.
ونقل التقرير عن تلك المنظمات تأكيدها أن إيطاليا تتحمل مسؤولية خاصة، “فالمهاجرون الذين تطأ أقدامهم لأول مرة أراضي الاتحاد الأوروبي في إيطاليا، لهم الحق في تقديم طلب اللجوء هناك، وتصبح هي مسؤولة عن هذه الطلبات”.
ووصل إلى إيطاليا، منذ بداية هذا العام وحتى 24 فبراير/شباط، 14104 مهاجراً، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالعامين السابقين؛ حيث تم تسجيل 5345 (في عام 2022) و4304 (في عام 2021) مهاجراً على التوالي، في نفس الفترة، مع العلم أن معظم المهاجرين يصلون إلى إيطاليا بمفردهم دون مساعدة متطوعي الإنقاذ البحري.
وفي تعليقها على حادثة الغرق اعتبرت “ميلوني” أن الحل هو وقف الهجرة غير النظامية “لتجنب المزيد من المآسي”.
وكانت 18 منظمة خاصة للإنقاذ البحري وداعمين آخرين قد نشروت رسالة إلى حكومة “ميلوني”، أعربوا فيها عن “قلقهم العميق إزاء المحاولة الأخيرة التي قامت بها حكومة أوروبية لعرقلة مساعدة الأشخاص المحتاجين في البحر”، مؤكدين أن هذا المرسوم ينتهك “القوانين البحرية الدولية وحقوق الإنسان والقوانين الأوروبية”.