مضى على ارتكاب قوات اﻷسد مجزرةً مروعة في مدينة حماة، واحدٌ وأربعون عاماً، في ظل تجاهل دولي تام، لمقتل عشرات اﻵلاف خلال أيام، على يد حافظ ورفعت اﻷسد، فيما عاد اﻷخير إلى دمشق، بعد قضاءه أعواماً طويلة في دول أوروبية.
وأكد تقرير نشرته “الشبكة السورية لحقوق اﻹنسان” أن هيئات اﻷمم المتحدة ما تزال خالية من أية إشارة إلى المجزرة التي وقعت عام 1982 على الرغم من أن ما حدث يشكل “جرائم ضد الإنسانية”، متضمناً قائمة بأبرز القوات المتهمة بتنفيذ المجزرة.
وقالت الشبكة إن قوات اﻷسد حشدت الجيش وأجهزة الأمن، وفرض شكلاً من أشكال الحصار على مدينة حماة نهاية كانون الثاني من عام 1982، في هجوم استمرَّ قرابة شهر، عاشت خلاله المدينة أياماً دموية.
وبدأت قوات اﻷسد وقوامها نحو 20 ألف شخص بدكّ مدينة حماة، قرابة الساعة 20:15 من مساء يوم الثلاثاء 2/ شباط/ 1982 بقيادة “رفعت الأسد”، الذي قام بقصف تمهيدي واسع لأحياء عديدة وبشكل عشوائي بالمدافع والرشاشات، ثم اقتحم عدد من قوات اﻷسد المدينة من عدة محاور، وقامت بعمليات إعدام ميداني وقتل عشوائي، إضافة إلى العشرات من عمليات النهب والعنف الجنسي.
وأكد التقرير أيضاً تدخل سلاح الطيران ودخول الدبابات في الهجوم وقصفها للمنازل دون تمييز بين مدنيين ومسلحين، واعتقال قوات النظام للمئات من أبناء المدينة، دون توجيه تهم، وإعدام البعض منهم رمياً بالرصاص في الشوارع.
وبقيت عمليات القصف والاشتباكات مستمرة دون توقف حتى يوم الجمعة 5/ شباط، عندما بدأت قوات اﻷسد باقتحام الأحياء، فيما استكملت دباباته تدميرها، وقتلت عشرات المدنيين داخل منازلهم، إضافة إلى عمليات قتل للجرحى، واستهداف عائلات بكاملها بمن فيها من نساء وأطفال وشباب، لمجرد انتماء بعض أفرادها لجماعة “الإخوان المسلمين”، إضافة إلى نهب محتويات المنازل، ثم حرقها، مع ترديد وكتابة عبارات تحمل صبغة تطهير طائفي، وفقاً للتقرير.
ودفع هذا العنف وإدخال البعد الطائفي، قسماً من شباب المدينة للدفاع عن منازلهم وعائلاتهم، ليشهد السادس من شباط عمليات إنزال جوي قامت بها قوات اﻷسد ترافقت مع “أفعال سادية”، ومن ثم استمرت عمليات القصف والاقتحام والاشتباك في مختلف أحياء المدينة حتى الإثنين 8/ شباط، وهو تاريخ سيطرة قوات النظام على منطقة السوق جنوب نهر العاصي، لتبدأ من اليوم التالي سلسلة اقتحام الأحياء تباعاً.
وتمّ خلال ذلك الهجوم احتجاز أسر كاملة، وقتلها رمياً بالرصاص، فيما استمرت الاشتباكات في عدد من الأحياء حتى 23/ شباط، واتبعت قوات النظام سياسة التدمير الشامل، ولم ينجُ تقريباً أحد من سكان تلك الأحياء.
وقال التقرير إن قوات اﻷسد استمرت بعمليات الملاحقة، والقتل على الهوية، حتى يوم الأحد 28/ شباط، وبدأت بعض القوات المحيطة بالمدينة بالعودة إلى ثكناتها العسكرية، وبقيت العديد من الحواجز العسكرية داخل المدينة، ولكن عمليات القتل والتصفية الفردية لم تتوقف، بل استمرت حتى منتصف آذار/ 1982.
وأكد التقرير أن “الدول مسؤولة عن الانتهاكات التي يرتكبها أفراد قواتها المسلحة، أو أشخاص أو كيانات مفوضة من قبلها، ويجب أن تفتح تحقيقات فيها، وأن تلتزم بالتعويض الكامل عن الأذى والخسائر”، بموجب القانون الدولي.
يذكر أن الحملة العسكرية على مدينة حماة أدّت لمقتل 40 ألف مدني، وقرابة 17 ألف مفقود حتى الآن، إضافة إلى تدمير قرابة 79 مسجداً وثلاث كنائس، كما دُمرت العديد من أحياء المدينة بما فيها الأثرية منها، وظلَّت المدينة تحت حصار مطبق طيلة شهر شباط، مع فرض حظر تجوال واسع على سكانها.