تُشكل عملية تكرير النفط البدائية التي تقوم بها قوات “قسد” في منطقة شمال شرقي سوريا، خطراً كبيراً على صحة السكان، حيث تؤدي المخلفات إلى تلويث البيئة وخلق خطر اﻹصابة بأمراض خطيرة؛ بما في ذلك السرطان، فضلاً عن الخسائر المادية الكبيرة، وفقاً لما تؤكده تقارير محلية متقاطعة.
وتتركز مشكلة آثار مخلفات النفط في منطقة جنوب شرقي الحسكة، حيث تتسرب إلى طبقات الأرض وتحوّل المياه الجوفية المخصصة للشرب إلى مياه سامة بالقرب من حقل “تشرين”، إضافةً إلى الضرر الذي تلحقه بالأراضي الزراعية والتي باتت غير صالحة للاستثمار، في مساحة واسعة بمحيط الحقل.
ونقل موقع “نورث برس” عن “محمد كديمي” من سكان قرية “العلكانه” بريف الحسكة، أن العديد من القرى الواقعة بالقرب من الحقل تفاقمت معاناتها، نتيجة تسرب مياه طبقية من مخلفات النفط، وهو ما أثر بشكل كبير على الآبار الجوفية، والينابيع الطبيعة مثل نبعه “طابان” التي تغذي القرى بالمياه.
ويؤكد الرجل اﻷربعيني أن السبب في ذلك يعود إلى عدم حقن المياه الطبقية بعد استخراج النفط من حقل “تشرين”، في آبار مخصصة، إذ يتم العمل على ضخها في الأودية الواقعة بالقرب من الحقل، مما يؤدي إلى تسربات نحو القرى المجاورة للحقل عبر الوديان وطبقات الأرض.
وكانت شركة “غلف ساندز” البريطانية للطاقة، قد قدّمت منذ نحو عشرة أيام، مقترحاً لإطلاق مشروع يسمح للشركات الدولية باستخراج النفط من منطقة شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات “قسد”، من أجل وقف عمليات النهب المستمرة له، وتحويل ريعه لصالح “المساعدات الإنسانية” للشعب السوري، على حدّ وصفها، ووقف عمليات تضرّر البيئة، مؤكدةً أن الطرق البدائية تسبب كوارث صحية لسكان المنطقة.
ورغم أن السكان المتضررين طالبوا مديرية حقل “تشرين” النفطي التابعة للإدارة الذاتية، بوضع حد لمعاناتهم، إلا أن طلبهم لم يلقَ أي استجابة، وفقاً لما أكده “كديمي”، والذي أشار أيضاً إلى نفوق الأسماك في سد الحسكة الجنوبي، بالإضافة لنفوق عدد كبير من المواشي.
وتوجد المئات من الآبار النفطية في محيط الحقل المذكور، و”عندما يتم استخراج النفط، يجري ضخ كميات كبيرة من المياه الطبقية التي تحتوي على مواد كيميائية سامة في الأودية القريبة من الحقل، ما يؤدي إلى تسربها للآبار الجوفية والينابيع الطبيعة في القرى المجاورة للحقل”، وهي “العلكانه، وتل الذهب، وذي قار، ويافا، والنهاب، خراب العجايز، والحصوية، والفج، وطابان شرقي”، جنوب شرق مدينة الحسكة.
من جانبه أكد الشاب “يوسف الجعبان”، وهو من سكان قرية “طابان شرقي”، وأحد مئات المزارعين الذين خسروا أرضهم الزراعية، أن تسرب مخلفات النفط اجتاح أرضه مع البئر الجوفي فيها، كما أن المياه الملوثة تسببت في نفوق 70 رأساً من الماشية التي كان يملكها، فضلاً عن أنه اضطر لترك منزله والعمل بالزراعة في مكان آخر، خوفاً على أطفاله من تلك المياه.
يُشار إلى أن دخول المواد النفطية إلى الجسم البشري مع اﻷغذية والمياه، يؤدي إلى الكثير من اﻷمراض الخطيرة، والتي تضاف إلى وباء “الكوليرا” الذي يجتاح المنطقة.