سلّط تقرير إعلامي الضوء على معاناة اللاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم إلى فرنسا، حيث يعانون من تمييز ومعاملة سيئة على مستوى الحكومة والشعب، أوقعت الكثير منهم في حالة نفسية سيئة.
ونقلت وكالة “اﻷناضول” التركية للأنباء شهادةً ﻷحد اللاجئين العرب من المطلعين على أوضاع السوريين، والذين يعيشون في فرنسا منذ سنوات، مع الكثير من المشكلات التي تواجههم، فيما يُضطرون للبقاء بعيداً عن بلدهم.
وتعتبر الدولة الفرنسية معرفة اللغة هي الشرط الأول للاندماج، لكنّ إتقان اللاجئين السوريين لها لا يكفي لإزالة الحواجز، كما يؤكد الصحفي الجزائري الفرنسي “خالد سيد مهند”، الذي اعتقل وسجن لمدة 24 يوماً أثناء عمله كصحفي في دمشق عام 2011.
ولفت إلى أن فرنسا رفضت الغالبية العظمى من السوريين الذين تقدموا بطلبات للحصول على صفة لاجئ، فيما يعيش هؤلاء القلة ممن حصلوا على اللجوء في أوضاع صعبة، حيث أنه “بمجرد أن يتمكن اللاجئون من التحدث بالفرنسية يستطيعون الحصول على وظيفة، ولكن السؤال هو؛ أي نوع من الوظائف؟”.
وأوضح “مهند” أن فرنسا قبلت اللاجئين باختيارهم وفقاً لخصائص معينة، أما الباقون فيمكنهم أن “يموتوا أو يذهبوا إلى ألمانيا”، مشيراً إلى أن معرفة اللغة الفرنسية هي أحد الشروط الأساسية للاندماج في المجتمع، فالسلطات الفرنسية تقدّم جميع أنواع البرامج المجانية لذلك، “ولكن لا يزال الأمر صعباً بالنسبة لهم”.
وفضلاً عن “قابلية الصغار للتكيف”، فإنه “من الصعب جداً تعلم لغة جديدة للاجئين الذين تزيد أعمارهم عن 30-40 عاماً”، كما يواجه اللاجئون مشاكل خطيرة في العثور على عمل حتى لو كان لديهم مستوى معين من التعليم.
ومضى الصحفي الجزائري بالقول: “عندما تهاجر فإنك غالباً ما تفقد الوضع الذي كنت تحصل عليه من قبل، إذا كنت طبيباً، فأنت ممرض في البلد الذي ستذهب إليه، إلا إذا عدت إلى الكلية وربما تكرر كل هذه الإجراءات؛ ولا يمكنك العمل كطبيب”.
قيل للاجئين السوريين “لا مكان ” واستُقبل الأوكرانيون “بسجادة حمراء”
أشار “مهند” إلى أن اللاجئين السوريين يستقرون في مناطق ريفية بعيدة عن مراكز المدن على أساس عدم وجود مكان لهم، ولكن “في الحقيقة فإن القادمين من أوكرانيا لا يتلقون نفس المعاملة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية”، لقد “تم الترحيب بالأوكرانيين بسجادة حمراء في فرنسا، كانوا مثل النجوم وليسوا لاجئين”.
وبينما تم طرد اللاجئين السوريين بعبارة “ليس لدينا غرف كافية في المرافق” – يضيف مهند – “كانت الأبواب مفتوحة على مصراعيها للأوكرانيين، وكان هناك متسع لهم”.
ومضى بالقول: “عندما سألنا عن اللاجئين الآخرين، قالوا: لا ، لا ، لا نريدهم.. قالوا ذلك علانية؛ هذا بيان واضح للعنصرية”.
ولفت “مهند” إلى أن إعادة توطين اللاجئين السوريين في المناطق الريفية من أكبر العقبات التي تحول دون اندماجهم في الحياة الاجتماعية، موضحاً بالقول: “يمكنك البقاء على قيد الحياة في مجتمعك الخاص في البلدان الأنجلو ساكسونية، يوجد في نيويورك أماكن مثل أوديسا الصغيرة، وبيروت الصغيرة، وإيطاليا الصغيرة.. هناك من السهل الترحيب بالمهاجرين والقدرة على دخول المجتمعات والعثور على عمل وسكن وأي نوع آخر من المساعدة، ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لفرنسا، لا تسمح لك الحكومة الفرنسية بتكوين مجتمع كما هو الحال في بلجيكا أو المملكة المتحدة أو ألمانيا”.
الصدمة
أكد الصحفي الجزائري أن اللاجئين السوريين غير قادرين على الاختلاط في الحياة الاجتماعية بالمناطق الريفية، كما يواجهون أيضاً صعوبات اقتصادية، مشيراً إلى أن التهميش الذي يواجه اللاجئين السوريين في فرنسا يعمق الصدمة التي يمرون بها.
وقال: “معظم اللاجئين السوريين الذين قابلتهم مصابون بصدمة تامة، وبعضهم يعاني من إدمان المخدرات لأنهم خائفون، والهروب من الحرب يؤدي إلى إدمانهم، إنهم لم ينهوا آلامهم، فعندما يأتي السوريون إلى أوروبا يكونون قد عبروا الكثير من الحدود، وتعرضوا للإذلال وخسارة أموالهم وأصدقائهم وعائلاتهم”.
ورآى “مهند” أن “اللاجئين السوريين هم ضحايا ثانويون للإسلاموفوبيا، وذلك رغم أن الهدف الرئيسي هو المهاجرون المغاربة والجزائريون”، مشدداً على أن الخطاب اليميني المتطرف المتزايد في أوروبا قد جعل المسلمين هدفاً.
ويدرك اللاجئون السوريون – بحسب المصدر نفسه – أن فرنسا “ليست دولة صديقة للمسلمين”، وبالتالي فهم خائفون للغاية، ولا يريدون أن يكونوا هنا، و”لا يرغبون في تربية بناتهم اللواتي يرغبن في ارتداء الحجاب في مجتمع يمنعهن من ذلك”، مؤكداً وجود “مشكلة عنصرية بنيوية” مرتبطة بمعاداة المسلمين في فرنسا.