أعلنت الحكومة الفرنسية عن استعادة عشرات من مواطنيها من النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات بشمال شرق سوريا خاضعة لسيطرة قوات “قسد”، حتى اليوم، فيما يبقى نحو 100 منهم عالقين إلى أجل غير مسمّى.
ويأتي ذلك بعد انتقادات أممية حادة للحكومة الفرنسية بسبب التقاعس عن أداء واجبها القانوني تجاه المحتجزين في ظروف صعبة بسوريا.
وقالت وزارة العدل وإدارة مكافحة الإرهاب في باريس، في بيان نشرته مساء أمس الثلاثاء، إن 47 شخصاً كانوا في مخيمات بشمال شرق سوريا عادوا إلى فرنسا، بينهم 15 امرأة و 32 قاصراً.
ووفقاً لما نقلته وكالة “رويترز” للأنباء فقد ذكرت الوزارة أن من بين النساء العائدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 19 و56 عاماً، سبعةٌ صدرت بحقّهن مذكرات اعتقال وتم احتجاز ثمانية.
وأعلنت “لجنة مناهضة التعذيب” التابعة للأمم المتحدة، في بيان أصدرته يوم السبت الفائت، أن الحجج التي تسوقها فرنسا لترك مواطنيها في سوريا مرفوضة، داعيةً إلى الالتزام بسلامة اﻷطفال والنساء المحتجزين في المخيمات، وإعادتهم إلى موطنهم.
وأكدت اللجنة أن باريس تخرق بذلك الاتفاقيات الدولية، حيث قامت حتى اﻵن بعمليّتي إعادة فقط لنساء وقصّر في يوليو/تموز و أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بعد سنوات من إطلاق برنامج الإعادة بناء على فحص كل حالة على حدة.
وأشار قرار أصدرته لجنة مناهضة التعذيب، إلى أنه يتعين على فرنسا إعادة النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات سوريا، وأن الحكومة ملزمة بحمايتهم، بموجب القانون الدولي.
وقالت الوكالة الفرنسية للأنباء والتي اطلعت على قرار اللجنة الأممية إنه غير ملزم، لكنّ فرنسا مدعوة لإرسال قراراتها المتخذة إليها لمتابعة تنفيذ ملاحظاتها، في غضون 90 يوماً.
من جهتها؛ قالت المحامية “ماري دوسيه” التي تُمثل أسر النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات سوريا، شمال شرقي البلاد، في بيان: إن “لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة تؤكد أن بلدنا اختار التخلي عن الأطفال وأمهاتهم في منطقة حرب مع وعيه الكامل بالمعاناة والعنف الذي يتعرضون له”.
وأضافت “دوسيه” أن 150 طفلًا وأمهاتهم يواجهون الشتاء الخامس على التوالي، في مخيمات سوريا، حيث كانت عائلات من نساء وأطفال محتجزين قد لجأت إلى اللجنة عام 2019، واتهمت فرنسا بانتهاك المواثيق الدولية بعدم إعادتهم إلى الوطن.
ونوهت المحامية بأن المادتين 2 و 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، تُلزمان فرنسا باستعادة المحتجزين.
وأدانت لجنة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وهي لجنة حقوق الطفل، الحكومة الفرنسية، العام الماضي، بسبب تركها للأطفال القصّر وأمهاتهم في ظروف المخيمات القاسية.
وكانت الحكومة الفرنسية قد ردّت في ملاحظات أضافتها على تقرير لجنة الأمم المتحدة، يوم السبت، بأن الاتفاقية لا تطلب من دولة حماية مواطنيها في إقليم لا يخضع لولايتها القضائية، كما تذرّعت بأنها عاجزة عن “تنفيذ عمليات الإعادة إلى الوطن التي لا تعتمد فقط على إرادة الحكومة”، وتحدّثت عن ضرورة “موافقة السلطات في شمال شرقي سوريا والأمهات”.
واعتبرت اللجنة أن رد الحكومة الفرنسية هو “حجج مرفوضة”، مؤكدة أن الدولة الفرنسية، تبقى دائماً ملزمة بحماية رعاياها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من خلال اتخاذ جميع التدابير اللازمة والممكنة، حتى لو لم تكن في أصل الانتهاكات التي يتعرض لها النساء والأطفال في مخيمات سوريا.