أكد “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” قيام الحكومة الدنماركية، لإرسال رسائل تهديد ضد اللاجئين السوريين من الأطفال من أجل إقناعهم بمغادرة الدنمارك طواعيةً، مع التهديد بالترحيل أو الاحتجاز لأجل غير مسمى، وذلك في إطار حملتها ضد اللجوء.
وأعرب المرصد في بيان صحفي أمس اﻷربعاء عن قلقه البالغ إزاء ما يجري، مؤكداً أنّ رسائل الحكومة الدنماركية استهدفت الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا ويخضع آباؤهم لإجراءات اللجوء.
واستند البيان إلى ما كشفه فيلم وثائقي لمحطة البث العام الدنماركية (DR)، حول اللاجئين السوريين، والذي بيّن أنّ طفلة سورية تبلغ من العمر (12 عامًا) تعيش وتدرس في الدنمارك منذ ثماني سنوات، تلقّت رسالة من دائرة الهجرة الدنماركية مفادها: “إن لم تغادري طواعيةً، فمن الممكن إعادتك قسرًا إلى سوريا”.
وعلى الرغم من تمديد تصاريح إقامة الطفلة وعائلتها لعامين بعد الرسالة، إلّا أنّ “وضعهم ما يزال بعيدًا كل البعد عن كونه مستقرًا أو مثاليًا”، بحسب البيان.
وأكد البيان أن الدنمارك ” تظهر مرة أخرى أنها ليست بلدًا يرحب باللاجئين أو طالبي اللجوء، وأنها ما تزال تقترب من هدف ‘صفر طالبي لجوء’ عبر محاصرة اللاجئين بمآزق قانونية أو في مراكز الاحتجاز”.
ادعاء أن دمشق “آمنة”
قالت “ميكيلا بولييزي”، الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة لدى المرصد إنّ الدنمارك هي الدولة الأوروبية الأولى التي قررت طرد اللاجئين السوريين، إذ صنّفت مدينة دمشق “منطقة آمنة” على عكس الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتسبب هذا القرار – وفقاً للباحثة – بتجريد آلاف اللاجئين السوريين من تصاريح الإقامة وحق العمل منذ عام 2019، غير أنّ عمليات الإعادة لم تبدأ بعد.
وبيّن “المرصد الأورومتوسطي” أنّ الحكومة الدنماركية لا تستطيع في الواقع إجبار اللاجئين السوريين على العودة إلى بلدهم لأنها ترفض التعاون مع نظام اﻷسد، ولا يوجد بين الجانبين اتفاقية، ولكن ما يزال بوسعها وضع اللاجئين فيما يُعرف بـ”مراكز المغادرة” إلى أجل غير مسمى حتى يغادروا طواعيةً.
وأوضح أنّ الحكومة الدنماركية تسببت بمأزق قانوني معقّد ضدّ اللاجئين السوريين، إذ أجبر التهديد المستمر بالاحتجاز، وعدم الرغبة في العودة بسبب استمرار النزاع، مئات السوريين على مغادرة الدنمارك في السنوات الأخيرة بحثًا عن الحماية في دول أوروبية أخرى مثل هولندا والسويد وألمانيا وبلجيكا بشكل رئيس.
وأضاف البيان أنّه “في حين طُلب من معظم السوريين العودة إلى الدنمارك بموجب اتفاقية دبلن، إلا أنّ بعض المحاكم وضعت تحويلات اللاجئين بموجب الاتفاقية قيد الانتظار لأنها لم تعد تصنّف الدنمارك مكانًا آمنًا للاجئين”.
وأوضحت “بولييزي” أنّ 48% من تصاريح الإقامة الممنوحة للأجانب في الدنمارك عام 2021 كانت لأسباب تتعلق بالعمل، بينما مثّل طالبو اللجوء نسبة 1% فقط من مجموع الحاصلين على تصاريح الإقامة.
وتعد الدنمارك طرفاً في اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة باللاجئين، وتعتبر الاتفاقية أن مبدأ عدم الإعادة القسرية يحظر التدابير المباشرة لنقل شخص عند الاعتقاد -لأسباب وجيهة – بوجود خطر عليه.
وأكّدت الباحثة أنّ الدنمارك “لا يمكنها إعادة اللاجئين السوريين بشكل قانوني، ولا يمكنها أيضًا استخدام تدابير غير مباشرة للتحايل على مبدأ عدم الإعادة القسرية، مثل إرسال رسائل تهديد مباشرة إلى الأطفال السوريين الذين يعيشون هناك لإجبارهم على الاختيار بين الاحتجاز إلى أجل غير مسمى أو الترحيل”.
وشدّد المرصد على دعوة الحكومة الدنماركية إلى الامتثال للقانون الدولي والأوروبي ولاسيما “احترام وضمان الحق في طلب اللجوء ومبدأ عدم الإعادة القسرية”، بما في ذلك حظر الإعادة القسرية غير المباشرة.