الغائب الحاضر في أذهان السوريين، المواطن البسيط الذي عكس الذهنية العامة للبسطاء، والقائد العسكري الذي استطاع تجنيد الآلاف من خلفه، هو “حجي مارع” كما يحلو لأهالي حلب تسميته، عبد القادر الصالح، والذي يعتبره الكثير من السوريين الأيقونة الأغلى للثورة السورية.
عبد القادر الصالح، هو أحد شباب الريف الحلبي، من مواليد عام 1979، المؤسس والقائد العسكري للواء التوحيد، متزوج وأب لخمسة أطفال، كان يعمل في تجارة الحبوب والمواد الغذائية، كما عمل داعياً إسلامياً في كل من سوريا والأردن وتركيا وبنغلادش، وذلك بعد أن أنهى خدمته العسكرية في وحده الأسلحة الكيماوية في جيش النظام.
كان الصالح من أوائل المنظمين للنشاط السلمي والمظاهرات في مارع، وأطلق عليه حينها لقب “حجي مارع”.
انتقل إلى العمل المسلح بعد بداية الثورة بشهور فقاد الصالح اللواء العسكري الأول، الذي شكلته المعارضة السورية في شهر حزيران عام 2012، “لواء التوحيد”، الذي تحول خلال برهة من الزمن إلى قوة ضاربة، في الشمال السوري، وانضوى بين صفوف هذا اللواء نحو أحد عشر ألف مقاتل، ليتزامن تشكيله مع بدء معركة حلب.
فكان من نتائج تلك المعركة أن بسطت المعارضة سيطرتها على 70 في المئة من مساحة المدينة خلال أيام قليلة، كما وشارك في العديد من المعارك الأولى في مدينة حلب، للسيطرة على المراكز الأمنية في النيرب والشعار وهنانو والصالحين ومقر الجيش الشعبي وثكنة هنانو ومضافة آل بري، ومدرسة المشاة، ومشفى الكندي.
لم يقبل الصالح يوماً أنصاف الحلول، فإما الثورية، والإخلاص لها، أو الاعتزال، تلك الثورية التي لم تكن في نظر الصالح حكراً على مدينة معينة، وإنما لكامل الوطن الذي حلم به، فكان الصالح من القلة القليلة من قوات المعارضة التي اتجهت إلى مدينة القصير في حمص، وذلك قبل سقوطها بيد النظام، مدعوماً بميليشيا “حزب الله”، في الخامس من حزيران عام 2013.
أكد عبد القادر الصالح أن الثورة السورية غير طائفية، ودعا في أكثر من مناسبة لإقامة دولة معتدلة دينيا، مشددا على أن “الدولة الإسلامية لن تفرض على سوريا بقوة السلاح”، وكان همه توحيد جميع الفصائل تحت راية واحدة، فاجتمع قبيل استشهاده بأيام مع قادة أكبر الفصائل حينها جيش الإسلام، وحركة أحرار الشام، وصقور الشام لهذه الغاية.
تعرّض خلال سنوات الثورة الثلاثة الأولى لأكثر من محاولة اغتيال، ووضع نظام الأسد حينها مكافأة مالية قدرها مئتي ألف دولار أمريكي، مقابل اعتقاله أو قتله.
في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني عام 2013 أعلن لواء التوحيد، خبر استشهاد قائده العسكري عبد القادر الصالح، متأثرًا بجراحٍ بالغة أصيب بها إثر استهداف طيران النظام لإحدى اجتماعات القادة العسكريين في اللواء داخل مدرسة المشاة شمال شرقي حلب، ووُري الثرى في مسقط رأسه في مدينة مارع بقبرٍ حفره بنفسه وأوصى بأن يدفن فيه.