يبدأ هذه اﻷيام جني محصول الزيتون في محافظة إدلب، وسط مخاطر في ريفها الجنوبي، فضلاً عن ريف حلب الغربي، جراء قصف النظام والميليشيات الموالية له، إضافةً للطيران الروسي الذي لايفارق اﻷجواء.
ويعتمد عدد كبير من اﻷهالي في جبل الزاوية جنوب إدلب على ثمار أشجارهم، حيث يغلب التشجير على اﻷراضي الوعرة ذات الطبيعة الجبلية، ويشكل الزيتون جزءاً وافياً منها، وتُقدّر مساحة اﻷراضي المشجّرة بالزيتون في عموم إدلب بنحو 128 ألف هكتار.
ويُضطر المزارعون لملاحقة مورد دخلهم الوحيد، والذهاب إلى بساتين الزيتون التي تشتهر بها المنطقة، على الرغم من المخاطر، مع تعطّل معظم اﻷعمال بالمنطقة جراء القصف المستمر.
يقول المزارع “محمود . س” لموقع “حلب اليوم”، إن المحصول هذه السنة قد يكون جيّداً عموماً، لكنّ المعضلة في إقناع العمال بالمجيء إلى بستانه الكبير، نظراً لقربه من خطوط التماس.
وأوضح أن طائرات الاستطلاع كشفت خلال العام الماضي مواقع وإحداثيات عدّة مجموعات من العمال، وتعرضوا للقصف المدفعي، مما أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوفهم.
وبالرغم من الخطر الكبير، يرى “محمود” أنه لا خيار أمامه سوى العمل في بستانه، موضحاً أنه من غير المعقول، أن يترك حبّات الزيتون على اﻷشجار.
وتشتهر محافظة إدلب إلى جانب “عفرين” في ريف حلب الشمالي، بأشجار الزيتون وتحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الأشجار في سوريا، وعُرفت باسم “إدلب الخضراء”، بسبب كثرة بساتين الزيتون.
وشهدت المنطقة على طول خطوط التماس خلال موسم حصاد الحبوب في مطلع الصيف الماضي عدّة استهدافات للعمال أثناء جني محاصيلهم، وذلك من “سهل الغاب” بريف حماة الغربي، حتى ريف حلب الغربي.
تنقل وكالة “اﻷناضول” عن أحد المزارعين بجبل “الزاوية”، والذي يملك أشجار زيتون قرب خط الجبهة، أنهم شرعوا بجني الزيتون، مؤكداً أن المحصول هذا العام أفضل من العام الماضي.
وقال المزارع إنهم يجنون بين 10 إلى 16 كيلو غرام من الشجرة الواحدة، لافتاً إلى أن “العمل هنا خطر للغاية، حيث تطلق الدبابات التابعة لنظام الأسد نيرانها على الحقول ما يجبر المزارعون على الاختباء ثم العودة إلى جني الزيتون بعد توقف إطلاق القذائف”.
وذكر أن ابن أخيه نجا في وقت سابق من الموت في اللحظة الأخيرة خلال عمله في الحقل.
من جانبه؛ أكد مزارع آخر أنهم يتعرضون لقصف وإطلاق نيران خلال عملهم في جني محصول الزيتون، مشيراً أن الطائرات المسيرة لا تكاد تفارق سماء المنطقة.
وتعتمد القوات الروسية وقوات النظام على الاستطلاع الذي يحلّق في اﻷجواء بشكل مستمر، وخصوصاً في المناطق القريبة من خطوط التماس، حيث يتم على الفور ضرب أي تجمّع أو تحرّك حتى لو كان مدنياً.
وتشهد المناطق القريبة من الجبهة حوادث استهداف مستمرة ﻵليات وتجمعات المدنيين، على الطرق المكشوفة.
وإلى جانب ما سبق يعاني المزارعون من ارتفاع التكاليف، حيث غلاء أسعار الوقود والنقل واﻷدوية الزراعية واﻷسمدة، في ظل ركود اقتصادي بالمنطقة.
كما يشكو العمال من ضعف اﻷجور التي لا تتجاوز 50 ليرة ليومٍ كاملٍ من العمل، وذلك في أفضل الحالات.
وسيطر نظام اﻷسد وميليشياته على مساحات واسعة جداً من اﻷراضي الزراعية في ريفي إدلب وحلب، خلال الحملة العسكرية اﻷخيرة، على الشمال السوري، في 2020، وكان قد طرح أراضي النازحين للاستثمار بعد الاستيلاء عليها.
وتبقى المنطقة عموماً تحت حالة من عدم الاستقرار مع استمرار التهديدات العسكرية، وفشل الاتفاقات المتتالية بين ضامني “أستانا”، فضلاً عن تعطيل الانتقال السياسي.