تسبب تدهور الواقع المعيشي المتزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية ضمن مناطق سيطرة النظام، بنشأة إفرازات وظاهرات جديدة منها التسول بين أوساط المجتمع المدني، الذي يعتبر الخاسر الأكبر بين الأطراف المتصارعة على الأراضي السورية.
وتعتبر ظاهرة التسول إحدى أبرز الإفرازات التي انتشرت مؤخراً ضمن أسواق وأحياء محافظة حمص وريفها، وسط عجز حكومة النظام المسؤولة عن الحدّ من انتشارها.
مراسل “حلب اليوم” في حمص قال إن عشرات النساء والأطفال ينتشرون بشكلٍ يومي ضمن شوارع مدينة حمص وقراها الريفية، طلباً للعون من قبل المارة وأصحاب المحلات التجارية وميسوري الحال، الأمر الذي أدى لانقسام الشارع الحمصي بين متعاطف معهم ومن اتهمهم بالإتجار بالعواطف الإنسانية.
ولفت مراسلنا إلى أن المتسولين من النساء والأطفال لم يكتفوا بطلب المساعدة من المارة وأصحاب المحلات، حيث تطور الحال لدخولهم للمنازل وطرق أبوابها لطلب ما تيسر من (حبوب وبقوليات) تعينهم على ضنك العيش الذي تعاني منه شريحة واسعة من أبناء المدينة، لا سيما من فقد معليه الرئيسي سواء ضمن معتقلات النظام أو خلال القصف الذي أودى بحياة المئات منهم.
محمد العمر أحد أبناء حي الحمراء قال إن التغاضي عن مسألة انتشار المتسولين بين المنازل سيعود بنتائج كارثية على المجتمع المدني، لا سيما مع تزايد حالات خطف الأطفال في المدينة بقصد “طلب الفدية” لا سيما أن معظم النساء اللواتي يقدمن على التسول لسن من سكان أو أبناء المدينة، بالتالي فإن نجاح أي واحدة منهن باستدراج أحد الأطفال واختطافه سيجعل مسألة التعرف عليها ضرباً من الخيال.
واتهم محمد معظم العاملات بمجال التسول واستدرار عطف النساء داخل منازلهن، بالتعامل مع عصابات تمتهن تجارة الأعضاء البشرية، وفي أحسن الأحوال قد يكون لهن ارتباطات مع ميليشيات الخطف التي تسعى جاهدة للحصول على الأموال بأي شكلٍ من الأشكال خلال الفترة الراهنة.
من جهتها أبدت السيدة “سهير.م” تعاطفها مع النساء والأطفال الذين وصفتهم بـ “ضحايا الحرب الأحياء”، نظراً لغياب المعيل الرئيسي عن معظمهم فضلاً عن تهميشهم من المساعدات العينية التي انحسرت ضمن ملفات “جرحى وقتلى الحرب” الذين سقطوا خلال معاركهم مع قوات النظام.
ولفتت في معرض حديثها لقيامها مع عدد من النساء الأخريات بالعمل على كفالة ما يقارب خمس عائلات من النساء المحتاجات، بعدما أجروا زيارة لمنازلهم للتأكد من صحّة ادعائهم بما يخص تردي واقعهن المعيشي، داعية في الوقت ذاته لتعميم تجربتها بين ميسوري الحال للمساعدة قدر الإمكان والتخفيف عن من وصفتهم بـ “المنسيين” من برنامج الدعم الإغاثي.
من جانبها، تنصلت مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للنظام في حمص “سمر المصطفى” من المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسستها، من خلال تصريحها لوسائل إعلام موالية، والتي أشارت فيها إلى أن العقوبات الرادعة من قبل حكومة النظام غير كافية لردع المتسولين عن عملهم.
تجدر الإشارة إلى وجود شبكات منظمة تدير عمل المتسولين داخل مدينة حمص، وذلك وفقاً لعدد من المصادر المتطابقة التي أكدت إيصال المتسولين في ساعات الصباح الأولى من كل يوم وتوزيعهم على مناطق متفرقة من أحياء حمص “الراقية” نسبياً قبل أن تجري عملية إعادة نقلهم مرة أخرى مع ساعات الظهيرة.