تزداد حالات اﻹصابة بوباء “الكوليرا” بشكل يوميّ في مناطق شمال غريي سوريا، بعد أسابيع من ظهور المرض في منطقة الشمال الشرقي ومناطق سيطرة النظام، حيث يرجّح الخبراء أن اﻷمر مرتبط بانحسار مياه الفرات إضافة لسوء الخدمات وضعف النظافة العامة جراء الواقع الخدمي المتردّي.
وكانت “منظمة الصحة العالمية” سلّمت المساعدات المخصّصة لشمال غربي وشمال شرقي البلاد، إلى نظام اﻷسد في دمشق، حيث من المفترض أن يتم نقلها عبر “خطوط التماس”.
وفيما لم يوضّح “أحمد المنظري”، المدير الإقليمي للمنظمة الذي زار دمشق والتقى برئيس النظام “بشار اﻷسد”، في الثامن من الشهر الجاري؛ كمية المخصصات لريفي حلب وإدلب، فقد كشف عن وصول 30 طناً من المواد الطبية لمطار دمشق، ستتبعها دفعات أخرى.
مراكز عزل
قال وزير الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة” بريف حلب الدكتور “مرام الشيخ”، في إفادته لـ”حلب اليوم” إنه تمّ إنشاء مراكز عزل خاصة بالوباء، في كافة مناطق الشمال الغربي، على غرار ما جرى أثناء موجة انتشار “كورونا” حيث تؤكّد المنظمات العاملة على خطورة الوضع.
وأضاف أن الوزارة نسّقت منذ فترة مع منظمة الصحة العالمية ﻹنشاء مراكز عزل خاصة بالكوليرا، حيث تم إنشاء 3 مراكز في مناطق “جرابلس واعزاز وعفرين” بريف حلب، إضافةً لـ 3 مراكز في منطقة إدلب.
ولفت إلى أن المناطق المحررة في الشمال السوري في كل من محافظتي حلب وإدلب شهدت حالات إيجابية عديدة، مما يتطلب تحركاً عاجلاً، مشيراً إلى استعدادات مسبقة تم تحضيرها بالتعاون مع “المنظمات الشريكة”.
وأكد وجود 41 حالة في منطقة “نبع السلام” الممتدة بين ريفي حلب والرقة الشماليين على الحدود التركية، حتى اليوم، إضافة إلى تسجيل 5 حالات في إدلب، وعدة حالات سابقة في منطقة “جرابلس” شرقي حلب.
المخيمات دخلت مرحلة الخطر
بعد عشرة أيام من إعلان اﻷمم المتحدة “دق ناقوس الخطر” بشأن الوباء في سوريا، وتحذيرها من تهديد جدّي لصحة وحياة السكان، لم تفلح نداءات المنظمات المحلية المتكررة للمنظمات اﻷممية والجولية لتحسين الواقع الرديء بالمخيمات.
وقالت فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيان أمس الاثنين، إلى “النازحين القاطنين في مخيمات شمال غرب سوريا”، إنه عقب تأكيد أول إصابة جديدة بمرض “الكوليرا” في ضمن المخيمات إضافة لحالتين مخالطتين لها في انتظار نتيجة الزرع المخبري؛ فإن “المخيمات في التوقيت الحالي دخلت مرحلة الخطر بشكل كبير”.
ولفت بيان الفريق إلى أنه بعد تسجيل الإصابات، فإن خطر توسعها بشكل كبير قائم، مع “عدم القدرة على السيطرة على الانتشار بسبب ضعف الإمكانيات اللازمة لمجابهة المرض نتيجة الواقع الطبي الهش في المنطقة”.
ونوّه “منسقو الاستجابة” بأنه “أطلقت فيما سبق نداءً لتمويلٍ عاجلٍ للمخيمات خلال فصل الشتاء القادم وخاصةً في قطاع المياه والإصحاح وذلك لاحتواء المرض قبل تحول المخيمات إلى بؤرة انتشار للمرض”.
إمكانات محدودة
رغم تجهيز خطوات معينة لمواجهة الوباء، يؤكد “الشيخ” لـ”حلب اليوم” أن الوضع “يتطلب استعدادات أكثر وخطوات فعلية”، لافتاً إلى “انتشار أكبر للكواليرا في شمال حلب”.
ووفقاً للإمكانات المتاحة ستقوم وزارة الصحة بحملات توعية عن طريق “المنظمات الشريكة”، كما ستقوم الوزارة بنفسها في حملة للتوعية تشمل كل شمال غرب سوريا.
وأكد الدكتور “مرام الشيخ” أن “الخطوات قريبة وستنفذ على اﻷرض” ولكنها “بحاجة لبعض التقدم”.
كما ناشد “منسقو استجابة سوريا” الأمم المتحدة عبر وكالاتها والدول المانحة العمل على تسريع الإجراءات الخاصة بمكافحة المرض ضمن المخيمات، من خلال توفير الإمكانات اللازمة.
وذكرت أن أكثر من 590 مخيماً يعاني من انعدام المياه بشكلٍ كامل، في حين يعاني 269 مخيماً آخر من نقص توريدها، كما يعاني أكثر من 614 مخيماً من غياب الصرف الصحي اللازم.
ويوجد – وفقاً للبيان نفسه – 1223 مخيماً لا يحوي أي نقطة طبية أو مشفى و يقتصر العمل فيها على عيادات متنقلة ضمن فترات متقطعة، علماً أن القرار الأممي 2642 /2022 مضى على تطبيقه أكثر من شهرين ونصف و”لم نلحظ أي تحسن فعلي في عمليات الاستجابة الإنسانية في المنطقة”.
وأفضى “تقييم سريع” أجرته منظمات أممية مطلع الشهر الحالي، إلى أن مصدر العدوى مرتبط بشرب الأشخاص لمياه غير آمنة، وكذلك استخدام مياه ملوثة لريّ المحاصيل، مما يؤدي إلى تلوّث الغذاء.
وقال بيان اﻷمم المتحدة إن تفشي المرض يشكل “تهديداً خطيراً للناس في سوريا والمنطقة”، ولذا ثمّة “حاجة لاتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لمنع المزيد من حالات المرض والوفاة”.
كما يُعدّ تفشي “الكوليرا” أيضاً “مؤشراً على نقص المياه الحاد في كافة أنحاء سوريا”، حيث أن اﻷمم المتحدة و”لفترة من الوقت دقت ناقوس الخطر بشأن هذه المسألة”.
ولفت البيان إلى أنه، ومع استمرار انخفاض مستويات نهر الفرات والظروف الشبيهة بالجفاف ومدى تضرر البنية التحتية للمياه، يعتمد الكثير من السكان المعرّضين بالفعل للخطر في سوريا ويزداد انتشار الأمراض الخطيرة المنقولة بالمياه خاصة بين الأطفال.
تجدر اﻹشارة إلى ضعف الرقابة على ريّ المزروعات في مناطق الشمال الغربي، حيث يستخدم بعض المزارعين مياه الصرف الصحي، مما يسبب أمراضاً خطيرة.