يتواصل الجدل في اﻷوساط السورية بعد الاحتجاحات التي شهدتها منطقة ريف حلب بسبب ما وصفه كثير من الطلاب الغاضبين بـ”الفشل” في الملف التعليمي، وما تبع ذلك من مفاعيل على مختلف اﻷصعدة.
وكانت طريقة صدور نتائج امتحان الثانوية العامة، يوم اﻹثنين الماضي، ومعدلات الرسوب العالية وعدم تقديم كشف بالعلامات للطلاب هي “القشّةَ التي قصمت ظهر البعير” وأدت إلى خروج الاحتجاجات، لكنّها ليست السبب الوحيد كما أكد الناشط “عبد الكريم ليلى” (أبو فراس الحلبي) لموقع “حلب اليوم”.
أكّد “أبو فراس” وهو مدرّس في “معهد حلب لإعداد المدرسين” أن اﻷسباب تتعلق بعدم وضوح معايير النجاح والرسوب منذ بداية العام الدراسي، والتفاوت الكبير في نسبة النجاح بين المناطق حيث ارتفعت نسبة النجاح لتزيد عن ٨٠٪ في جرابلس والغندورة وانخفضت النسبة لقرابة ٢٥٪ في أعزاز مثلاً .. وهذا “شيء غير منطقي في ظل عدم وجود تبريرات واضحة من قبل المكاتب التعليمية”.
كما تحدّث عن حالة “الغموض والإشاعات التي تنتشر عن ضياع بعض دفاتر الإجابات وعدم وجود توضيحات مباشرة من قبل المكاتب التعليمية”، فضلاً عن “فقدان ثقة الطلاب بالجهات المشرفة على ملف التعليم في الداخل والمكلفة من قبل وزارة التربية التركية بسبب أخطاء سابقة وقعوا بها كتوزيع أسئلة الفلسفة العام الماضي محلولةً”.
وأشار إلى “الضغط الذي يتعرض له الطلاب في فترة الامتحانات حيث يقدم الطلاب ٨ مواد في ٣ أيام فقط، وهذا ما لم يتعودوا عليه سابقاً وفق النظام التربوي السوري المعتمد في المدارس السورية”.
وقد وقعت خلال الاحتجاجات اشتباك بالأيدي بين عنصر من شرطة مدينة “أعزاز” وأحد المتظاهرين الذي كان يحاول كتابة شعارات على أحد الجدران، حيث تعرّضت الشرطة لانتقادات واسعة اضطرت مديرية أمن “أعزاز” ﻹصدار بيان حول ملابسات الحادثة.
وبشأن تقييمه لطريقة تعاطي مؤسسات الحكومة المؤقتة التعليمية واﻷمنية مع تلك الاحتجاجات، قال المدرّس والناشط عبد الكريم ليلى إن وزارة التربية لم تبدِ أي ردّ فعل تجاه هذه الاحتجاجات “علماً أنها من المفترض أن تكون الجهة الرسمية التي يجب أن تتدخل لضبط هذا الأمر” وهي تنظم عملية امتحانية منفصلة عن العملية الامتحانية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم التركية من خلال المكاتب التعليمية في المجالس المحلية.
وبشأن تقييمه لطريقة تعاطي الأمنية فقد “كانت متعاونة لحد ما مع وجود بعض الاختراقات والتصرفات التي أقدم عليها أحد عناصر شرطة أعزاز من الاعتداء على أحد الطلاب وهذا التصرف مرفوض ومُدان ﻷن الطالب كان يريد التعبير عن مطالب المحتجين بكتابة بعض العبارات على الجدار في ظل عدم استجابة القائمين على ملف التعليم بالإستماع للمحتجين في اليوم الأول، وهذا ما لاحظناه في اليوم التالي بلقاء مدير المكتب التعليمي مع الطلاب المحتجين والإجابة عن بعض استفساراتهم”.
وكانت الوزارة قد فتحت باب الاعتراضات على نتائج الثانوية العامة لثلاثة أيام في تموز الماضي، إذْ يُسمح للطالب بالاعتراض على مجموع درجاته في 3 مواد فقط، أما “الحلول الناجعة”، فتتمثّل في رأي “الحلبي” بمنح الطلاب دورةً تكميليةً لمادة واحدة على الأقل لتعديل نسبة الرسوب ولاعطاء الطلاب فرصةً جديدةً أسوةً بزملائهم المتقدمين للامتحانات التابعة لوزارة التربية في الحكومة المؤقتة، و”توحيد ملف التعليم والامتحانات خصوصاً تحت إشراف جهة واحد وهي وزارة التربية في الحكومة المؤقتة كونها تملك كادراً تربويّاً قادراً على تنظيم العملية الامتحانية وفق نظام منضبط وذلك بدعم ومساندة المكاتب التعليمية في المجالس المحلية”.
وفي إجابته على سؤال حول مدى مسؤولية السلطات في ريف حلب، أشار أبو فراس إلى وجود “ثغرة أو عدم فهم كامل للواقع السوري من قبل الجهات الحكومية التركية أو أن المعلومات والتغذية الراجعة التي يحصلون عليها غير كاملة و غير واضحة وليست واقعية”.
وقد تحدّث بعض المنتمين للحكومة وقوى اﻷمن والسلطات المحلية في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” عن وجود “محرّضين” خلال الاحتجاجات الأخيرة، مدّعين أنها تخدم مصالح النظام و”أعداء الثورة”، لكنّ الناشط “أبو ليلى” ردّ على تلك الاتهامات مؤكداً أن مظاهرات الطلاب سبقها احتجاجات من قبل العاملين في القطاع الصحي وقبلها احتجاجات من قبل المعلمين “مما يعني وجود مشكلة حقيقية تحتاج إلى حل جذري وتغيير في سياسة وإدارة المنطقة”.
ودعا إلى “الاعتماد على الخبرات المؤهلة في كل مجال لحل هذه الإشكاليات بمنع تراكمها” بدلاً من انتقاد المحتجين، لأن “هذه التراكمات قد تؤدي للانفجار والغضب الشعبي”، مذكّراً بما جرى في مدينة عفرين منذ شهرين، حيث تم حرق المجلس المحلي إثر غلاء أسعار الكهرباء وعجزه عن حل الكثير من المشاكل التي تواجه السكان.
وتشير اﻷرقام واﻹحصاءات إلى تراجعٍ كبيرٍ جداً في قطاع التعليم بالشمال المحرّر، حيث أن ما يقرب من نصف اﻷطفال بالمنطقة أميّون وهم خارج مقاعد الدراسة، في المخيّمات أو أماكن العمل مدفوعين بحاجات أسرهم.
وكان الريف الحلبي قد شهد في حزيران/يونيو الماضي احتجاحات واسعة بسبب قضية الكهرباء، سبقها مظاهرات غاضبة لنفس القضية في كانون الثاني/نوفمبر مطلع العام الجاري.
وفي أيار/مايو خرجت احتجاحات بسبب إطلاق سراح عنصر سابق من نظام اﻷسد، كان محتجزاً لدى الشرطة العسكرية واتهامات بوجود “رشوى” وفساد.