تجدّدت الحرائق في أحراش المناطق الجبلية بالساحل السوري، غربي البلاد، أمس الجمعة، في ظاهرة لافتة باتت تتكرّر بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
واضطرّت سلطات النظام لاستعمال المروحيات للمشاركة في إخماد النيران الواسعة التي اندلعت في منطقة “أبو قبيس” بريف حماة الغربي، والمتاخمة لريف اللاذقية، حيث نشبت في السفوح الجبلية قرب قلعة “أبو قبيس” الأثرية.
وأكدت “الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب” أن الحريق كان كبيراً، ممّا اضطرها لطلب المساعدة من فرق إطفاء زراعة حماة ومصياف.
ورغم عدم بلوغ درجات الحرارة معدلات مرتفعة حتى اﻵن إلا أن عدة حرائق صغيرة ومتفرّقة اندلعت في منطقة الساحل منذ بداية الصيف.
وتشهد درجات الحرارة انخفاضاً ملحوظاً عن معدلاتها السنوية، إلا أن سلطات النظام تحذّر من مؤشرات خطورة ذات مستوى متوسط، بالنسبة لحرائق الغابات في شمال غرب سوريا، لليوم السبت، مع ارتفاع معدّل الخطورة اعتباراً من يوم غد، وذلك بالنسلة للسفوح الشرقية لسلسلة الجبال الساحلية، مع انخفاض مستوى الخطورة لبعض المناطق القريبة من السهل الساحلي.
ظاهرة لافتة
ليست الحرائق الكبيرة جديدة على منطقة الساحل التي تشهد سرعة رياح عالية، وانخفاضاً ملحوظاً في درجات الرطوبة مع ارتفاع الحرارة خلال فصل الصيف، إلا أن تزايد معدّل تلك الحرائق هو ما يبقى دون جواب.
وتعيد القضية إلى اﻷذهان حادثةَ الحريق الضخم الذي اندلع صيف عام 2021 الماضي، والذي أثار سخط واستياء موالي نظام اﻷسد، جراء ضعف أدائه في مواجهة الحرائق، والحديث عن “مؤامرة” أدت لاشتعالها.
وكان أستاذ علم المناخ في جامعة تشرين بمحافظة اللاذقية، الدكتور رياض قرة فلاح، قد أكد أنّ تلك الحرائق التي اندلعت في محافظتي اللاذقية وطرطوس “عملية تخريبية كبرى ممنهجة”.
وقال قرة فلاح، إنّ “20 حريقاً اندلع في وقتِ الفجر وفي أماكن متفرّقة ومتباعدة وداخلية في الغابة، وبشكل يصعب على رجال الإطفاء السيطرة عليها، وقبل يوم واحد من تحوّل الرياح إلى شرقية جافة، جعلت الرطوبة في المناطق الساحلية تنخفض حتى رقم متدنٍّ جداً يصل حتى دون 25 %”.
وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي في صفوف مؤيدي نظام اﻷسد، أعلنت “وزارة العدل” حينها عن تنفيذ أحكام الإعدام بحق 24 شخصاً، بتهمة إشعال الحرائق في الغابات، واﻹضرار بالبنى التحتية للدولة والممتلكات العامة والخاصة، لكنّ ذلك اﻹعلان لقي تشكيكاً كبيراً، فيما يتحدّث النظام عن “عصابات ممولة من الخارج”.
ونشر النظام مقطع فيديو لـ”اعترافات” المتّهمين وأغلبهم من قرية بيت فارس الواقعة في منطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، وأغلب سكانها من التركمان، وهي قرية معارضة لنظام اﻷسد، كان قد استعاد سيطرته عليها بالقوة عام 2016، مما يثير الشكوك حول كون القضية مجرّد محاولة لتلهية موالي النظام، وجعل معارضية كبش فداء.
حرائق متعمّدة في المناطق المحرّرة
استهدفت مدفعية نظام اﻷسد بشكل مباشر عدّة أراضٍ زراعية قرب خطوط التماس في الشمال الغربي، ما أدى لاندلاع الحرائق فيها وإلحاق خسائر فادحة بالفلاحين، على مدى اﻷيام الماضية.
ومع اقتراب موعد الحصاد تصبح اﻷراضي الزراعية قابلة للاشتعال بشكل كبير، فيما يكون إطفاؤها صعباً للغاية مع تمكّن قوات اﻷسد من رصد مساحات واسعة قرب الجبهات.
وتركّزت النيران التي اندلعت في أراضي السكان خلال اﻷيام الماضية بكلّ من سهل الغاب غربي حماة، وريف حلب الغربي، حيث تدخّل الدفاع المدني ﻹخمادها رغم خطورة الموقف.
وكانت محافظة درعا قد شهدت خمسة حرائق خلال اﻷسبوعين اﻷخيرين؛ شملت الحرائق قرية بيت أرة، ومنطقتي الشيخ سعد وشرق إزرع، وبلدة سحم الجولان، والتهمت نحو 60 دونماً من القمح، فيما قالت وكالة “سانا” إن اﻷسباب “مجهولة”.