تزايد انتشار المخدرات في مناطق سيطرة النظام بشكل ملحوظ، خلال الأشهر الأخيرة، حيث تعمل بعض الجهات على ترويجها في المجتمع السوري، بهدف تحقيق أرباح كبيرة بعد نشرها وإدمان المتعاطين عليها.
وتعتبر محافظة دمشق وريفها من أكثر المناطق نشاطاً بهذه التجارة في الوقت الحالي، إذ ينشط المهربون من عناصر النظام وميليشيا “حزب الله” اللبنانية في تجارتها بدايةً من الحدود اللبنانية في القلمون الغربي، وصولاً إلى كافة المناطق في دمشق وريفها.
تجارة مربحة على حساب السوريين
يحقق عناصر النظام والضباط المسؤولين عنهم أرباحاً طائلة من بيع المخدرات والحبوب المهدّئة، تصل إلى مليارات الليرات بشكل شهري، ونقل مراسل “حلب اليوم” عن عنصر منشق عن الفرقة الرابعة في ريف دمشق الغربي أنّ ضباطاً وعناصر ينسقون مع عناصر ميليشيا “حزب الله” اللبنانية لإدخال كميات كبيرة عبر الحدود، بتنسيق رئيسي من المكتب الأمني للفرقة بقيادة العقيد علي دلة قريب غياث دلة قائد قوات “الغيث”.
وأضاف المصدر أنّه علم من بعض العاملين بهذا المجال أنّ العناصر المساهمين في نقل المخدرات يحصلون على راتب إضافي وإجازات مفتوحة، كما يُسمح لهم بالعمل في مشاريع محظورة أخرى مثل تهريب البضائع والأشخاص لتحقيق أرباح إضافية، وفق قوله.
وأشار العنصر المنشق إلى أنّ توجيهات من الضباط العاملين في هذه التجارة المحظورة بالتركيز في ترويج المخدرات على الشبّان والطلاب، مع تقديم أكثر من جرعة لهم بشكل مجاني لتحقيق الإدمان وإجبارهم على الشراء بأسعار مرتفعة في وقت لاحق.
مدرسين وطلاب مدمنون
أكدّ مراسلنا في دمشق بعد جولة على عدد من مدارس “سعسع، بيت جن، معضمية الشام، خان الشيح، أوتايا، سقبا، جرمانا” وجود مئات المدمنين من الطلاب وعدد من المدرسين المدمنين على المخدرات والحبوب المهدّئة، حيث كشف موجّه مدرسة سعسع المختلطة تعاطي خمسة طلاب في مدرسته بعد ضبط حبوب “ترامادول” في حقيبة أحدهم، وتم إخفاء الأمر مع إبلاغ ذويه، الذين أوضحوا معرفتهم بالأمر وعجزهم عن منعه، ليطلب الموجه نقله بعد ذلك من المدرسة إلى خان الشيح.
وأضاف المراسل نقلاً عن موظف في مدرسة أوتايا أنّ معلمين ومعلمات في المدرسة يتعاطون مادة الحشيش، عبر وضعها في سجائر وتدخينها أثناء الدوام في أكثر من مرة، مشيراً إلى أنّه أبلغ المدير بذلك، دون اتخاذ أي إجراء يحفظ سلامة طلاب المدرسين المتورطين ونجاح العملية التعليمية، التي تشرف عليها منظمات أممية دولية.
آفات اجتماعية مرافقة
ارتفع معدل الجريمة بشكل ملحوظ في مناطق سيطرة النظام عموماً، وفي دمشق وريفها على وجه الخصوص، خلال الأشهر الماضية، حيث لا يكاد يمضي يوم دون تسجيل جريمة قتل أو عشرات جرائم السرقة والسلب والاغتصاب، كما أنّ معظم الجرائم لم تكن مألوفة بالنسبة للمجتمع السوري.
وعلل الأستاذ ناصر العلي المختص في الصحة النفسية ارتفاع الجرائم وسماتها الغريبة على المجتمع بتأثير المخدرات والحبوب المهدّئة، إذ أنّ مدمن المخدرات يعجز عن ضبط تصرفاته بعد نقص المواد التي تشبّعها جسده، وعندما تصبح الحاجة ملّحة يقوم بفعل أي شيء لتحصيل المال وشراء هذه المواد، وذلك يكون إما بالاحتيال أو السرقة، التي تتطور في معظم الأحيان لتكون جرائم قتل بدافع السرقة، بالإضافة لذلك فإنّ غياب العقل والإدراك أثناء وبعد التعاطي، يتسبب بوقوع جرائم غريبة مثل الاعتداءات الجنسية على المحارم، أو تنفيذ جرائم وحشية كما تم في جنوب دمشق في وقت قريب.
تقصير حكومي وأمني يسهل الانتشار
أعلنت قوات النظام في مناسبات عديدة عن ضبط كميات من المخدرات في مناطق متفرقة من دمشق وريفها، ومن بين المقبوض عليهم في هذه العمليات عناصر من الفرقة الرابعة في قوات النظام، وآخرين متطوعين في ميليشيات إيرانية وعراقية مساندة للنظام، وبحسب شهود من المنطقة فقد تم الإفراج عنهم بعد قضاء أيام في السجن، دون أي محاكمة.
وبحسب مصدر مقرّب من أجهزة الشرطة في دمشق فإنّ قوات النظام لديها قوائم وأسماء بالعاملين في هذا المجال، لكنها لا تقوم بأي إجراءات بحقهم، كما أنّه لا يتم إتلاف الكميات المصادرة، ويتم نقلها إلى مستودعات في العاصمة دمشق دون تقييدها أو جدولتها، تحضيراً لإعادة بيعها، وفق قوله.