أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، اليوم الأربعاء، تقريرها السنوي الخامس حول انتهاكات القوات الروسية في سوريا، منذ تدخلها الأول عام 2015، وثّقت فيه ارتكاب روسيا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، حيث قتلت 6959 مدنياً، بينهم 2005 أطفال، كما استهدفت 207 منشأة طبية.
وأشار التقرير المكوّن من أربعين صفحة إلى أنّ روسيا بررت تدخلها في سوريا بأنّه بدأ بطلب من نظام الأسد، ولكن التقرير أوضح أنّ هذا مجرد تضليل قانوني، حيث توجد اشتراطات حقوقية لصحة التدخل العسكري، ولم تتحقق في الحالة السورية نهائياً.
واستعرض التقرير تحديثاً لحصيلة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الروسية، معتمداً على معلومات متقاطعة من أكثر من مصدر، بالإضافة لتصريحات مسؤولين روس، بالإضافة لعدد كبير من روايات عمال الإشارة المركزية.
وصرّح المدير التنفيذي للشبكة “فضل عبد الغني” أن “التدخل العسكري الروسي لصالح النظام يُشكِّل وصمة عار في تاريخ روسيا الحديث، ودليل إضافي على مدى بربريتها ووحشيتها، فقد قامت بقصف أحياء سكنية ومسحت أحياء من على وجه الأرض دون أية رحمة، لا بدَّ من تكافل دول العالم لردع التوحش الروسي وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها، وفضح ممارسات النظام الحاكم أمام الشعب الروسي، لعلنا نشهد فيها حراكاً جماهيرياً ينقلها نحو الحضارة والديمقراطية وحقوق الإنسان”.
ورتّب تقرير الشبكة الاستراتيجية الروسية عبر تسلسل زمني منذ بداية تدخلها المباشر، وركّز على الاستراتيجية العسكرية في العام الخامس، والتي اعتبرها التقرير مختلفة وفقاً للمناطق الجغرافية، حيث استمرت روسيا بشن هجمات على خطوط التماس بين مناطق سيطرة النظام وبين مناطق سيطرة فصائل المعارضة.
وفي المنطقة الشرقية عمدت روسيا إلى محاولة التوغل بشكل أكثر فعالية، كما ركزت جهودها على هدفين أساسيين، الأول دعم النظام لاستعادة السيطرة على حقول النفط، والثاني إيقاف العملية العسكرية التركية “نبع السلام”.
وبحسب التقرير فقد فشلت القوات الروسية في المنطقة الجنوبية، حيث تدهور الوضع الأمني ولم تفِ روسيا بتعهداتها بالإفراج عن المعتقلين، بل زادت الاعتقالات واستمرت عمليات الخطف وزاد الوضع المعيشي سوءاً.
التقرير تطرق أيضاً لاستخدام روسيا حق الفيتو ثلاث مرات منذ العام الماضي، حيث منعت هذه الاستخدامات مشاريع قرارات تعمل على إحياء القرار 2165، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في 2014، والذي يتيح للأمم المتحدة إدخال مساعدات عبر الحدود دون إذن النظام.
كما أشار التقرير إلى تطور التدخل الروسي إلى المشاركة البرية في المعارك على الأرض، بعد أن اقتصر لسنوات على الدعم الجوي، كما تم استخدام سلاح المدفعية والدبابات، مع وجود تقارير إعلامية تتحدث عن استقدام روسيا لشركات أمنية مقابل دخل مادي لتدعيم قواتها في المنطقة.
وتطرّق التقرير لعمليات استغلال تقوم بها روسيا لمقاتلين سوريين في مناطق التسويات، عبر إغرائهم برواتب عالية مقابل نقلهم للقتال في ليبيا إلى جانب قوات “خليفة حفتر”، كما ذكر أن النظام أصدر قوانين تمييزية لصالح روسيا، بالإضافة لعقود وقعتها وزارة النفط وشركة “ميركوردي” الروسية، التي حصلت على ترخيص للتنقيب عن النفط في منطقة الجزيرة السورية وشمال نهر الفرات.
وأوضح تقرير الشبكة أنّ ما لا يقل عن 354 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية، بالإضافة لتسجيل 1217 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية بينها 222 على مدارس، و207 على منشآت طبية، ذلك منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى 30/ أيلول/ 2020.
ووفقاً للتقرير فإنّ القوات الروسية استخدمت الذخائر العنقودية، بما لا يقل عن 236 مرة، إضافةً إلى 125 هجوماً بأسلحة حارقة، كما أنّ حجم العنف المتصاعد الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النزوح والتشريد القسري، حيث ساهمت هذه الهجمات بنزوح قرابة 4.5 مليون نسمة.
وحثّ التقرير المجتمع الدولي عل العمل على تشكيل تحالف دولي حضاري خارج نطاق مجلس الأمن يهدف إلى حماية المدنيين في سوريا من الهجمات الروسية وهجمات النظام تجنباً للفيتو، كما أوصى كل من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمبعوث الأممي إلى سوريا والدول الأوروبية، بإيقاف دعم النظام والاعتذار للشعب السوري عن كافة الانتهاكات التي مارستها القوات الروسية.