قبل عامين قال “مالكم خريتو … آني بعدني بالبيجاما” واليوم يعلن عن تشكيل جيش لحماية حوران، فمن هو أحمد العودة…
ولد “العودة” في مدينة بصرى الشام شرق درعا عام 1982، حاصل على شهادة في الأدب الانكليزي من جامعة دمشق.
أنهى خدمته العسكرية الإلزامية في “مدرسة الشرطة” بحي “القابون” الدمشقي بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011
خلال أحداث الثورة.. خسر “العودة” 3 من إخوته على يد قوات النظام وميليشيات حزب الله اللبناني.
أسس العودة “قوات شباب السنة” في درعا التي تعتبر الأكبر والأكثر تسليحا والأكثر دعما دوليا بين فصائل الجبهة الجنوبية.
نسّق “العودة” مع غرفة الدعم العسكري الدولية “الموك” التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، ومع عدة فصائل إسلامية لتحرير مدينته بصرى الشام عام 2015.
وأنشئ فرعا أمنيا جديدا خاص به أسماه بفرع 600 لاعتقال وتعذيب كل من يقف بوجهه أو يسيء إليه؛ وكان من أبرز المعتقلين العقيد المنشق “زيدان نصيرات” الذي قتل تحت التعذيب.
تربط العودة صلة قرابة برجل الأعمال “خالد المحاميد” المدعوم اماراتيا والذي يعتبره الكثيرون عراب المصالحات في الجنوب السوري.
بعد توقيع اتفاق الهدنة في تموز 2017 في الجنوب أعلنت غرفة العمليات “الموك” إيقاف دعمها لفصائل “الجبهة الجنوبية” باستثناء فصيل العودة، ما خلق خلل في توازن القوى في المنطقة وسمح للعودة بالسيطرة على أغلب قرى المنطقة.
كان العودة أول من وقع على اتفاق التسوية والمصالحة مع النظام برعاية وضمانة روسية في تموز 2018، ودعا جميع الفصائل في درعا والقنيطرة الى الدخول في التسوية والمصالحة، لتعود كامل محافظة درعا الى سيطرة نظام الأسد، وليصبح العودة فيما بعد قائد اللواء الثامن في الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا ويتلقى تعليماته منها مباشرة، بالرغم من أن قائد الفيلق الخامس اللواء زيد علي صالح يتبع جيش النظام ولكنه أيضا مقرب من روسيا.
جيش موحد في درعا:
في 23 حزيران 2020 أعلن أحمد العودة عن قرب تشكيل جيش موحد في درعا يضم عدداً كبيراً من المقاتلين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها أمام المئات من المتظاهرين، في مجلس عزاء مقاتليه في مدينة بصرى الشام، والذين قضوا قبل عدة أيام إثر تفجير عبوة ناسفة استهدفت حافلة تقلهم على طريق كحيل شرق درعا.
وقال “العودة”: “خلال الأيام القليلة القادمة سنعلن أن حوران جسد واحد وجسم واحد وجيش واحد، ليكون الأداة الأقوى والأصلب لحماية سوريا وليس فقط حوران”.
وكان “العودة” توعد بالثأر لمقتل عناصره خلال كلمته التي ألقاها حيث قال: “عهد علينا إلى يوم الدين لن نترك دم إخوتنا ولن نترك قاتلنا وقاتل أهلنا”.
وأفاد مصدر مقرب من أحمد العودة رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية لحلب اليوم، بأن الجيش الموحد الذي تحدث عنه العودة هو اللواء الثامن في الفيلق الخامس التابع لروسيا مباشرة، حيث أن تدريبات تجري في مدينة بصرى الشام لعناصر اللواء، وقد استطاع “العودة” حتى الآن ضم أكثر من 15 ألف متطوع من أبناء المنطقة للواء الثامن، جلّهم من عناصر الجيش الحر سابقا ومتخلفين عن الخدمة العسكرية ومنشقين، الأمر الذي يشكل خطراً على إيران ويقلص نفوذها وتوسعها، وفق المصدر.
انشقاقات من الفرقة الرابعة لصالح الفيلق الخامس:
وأشار المصدر المقرب من أحمد العودة إلى أن إيران هي المسؤول المباشر عن التفجير الذي استهدف عناصر الفيلق في 20 حزيران وأدى لمقتل 9 عناصر وإصابة نحو 25 آخرين، إذ أنها تعتبر الفيلق قد سحب البساط من تحتها، حيث أنه وخلال الأيام الأخيرة فتحت روسيا باب الالتحاق بالفيلق لينضم عدد كبير من الشبان له.
وأوضح المصدر أن هناك انشقاقات من صفوف منتسبي الفرقة الرابعة التي تديرها الميليشيات الإيرانية وحزب الله لصالح الفيلق، إضافة لخسارة الفرقة الرابعة لكثير من مواقعها والمناطق التي كانت تسيطر عليها داخل المحافظة، مشيراً إلى أن الريف الشرقي من درعا بكامله يخضع حاليا للفيلق وهو ما يسبب قلق لإيران.
وبحسب المصدر فإن الحافلة المستهدفة تضم عناصر انضموا لاحقاً للفيلق الخامس بعد تركهم صفوف الفرقة الرابعة وحزب الله، ما اعتبرته إيران تهديداً لها، وما كان الاستهداف إلا بمثابة تهديد واضح وصريح لكل من تسول له نفسه تركهم والالتحاق بالفيلق الخامس.
ومما يشجع أهالي درعا على الانضمام للفيلق الخامس أن اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة بمثابة “حاجز صد” أمام التمدد الإيراني في حوران الذي يسعى الى نشر التشيع في المنطقة وارتكب مجازر بحق أبناء درعا كان من أبرزها مجزرة الحراك في 2012، وأن اللواء الثامن لم يُسجّل لهم مشاركة فعليّة إلى جانب قوات الأسد في معاركه ضد فصائل المعارضة في الشمال السوري، بخلاف ما يحصل مع منتسبي الفرقة الرابعة.
ومن الجدير بالذكر أنه في الفترة الأخيرة تصاعدت حدة الخلافات والتوتر بين فصائل المعارضة وحواجز تتبع للفرقة الرابعة وحزب الله وإيران.
يذكر أن الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام يتزعمها ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، وتخضع للنفوذ الإيراني، وترتبط بعلاقات ومصالح متشابكة مع «حزب الله» اللبناني من بينها تقاسم السيطرة على اقتصاد الحرب والمنافذ الحدودية مع لبنان والأردن، والطرق الرئيسية لنقل البضائع من وإلى الموانئ السورية.
وقد طالبت روسيا، مؤخراً، بسحب حواجز الفرقة الرابعة المنتشرة في كافة مناطق سيطرة النظام في سوريا، إلا أن المطالب الروسية جوبهت بالرفض من قبل ماهر الأسد، سيما وأن روسيا في تنافسها مع إيران على السيطرة جنوب سوريا، تسعى لتقوية نفوذ «الفيلق الخامس» في درعا.
انشقاقات من جيش النظام لصالح الفيلق الخامس:
وذكر المصدر المقرب من أحمد العودة أنه ومنذ سيطر النظام على درعا في تموز 2018 حدثت انشقاقات عديدة برعاية روسية لعدد من قوات النظام بينهم ضباط، وهم حاليا منخرطين في صفوف الفيلق الخامس ويتم تدريبهم مع باقي المنتسبين في معسكر تم إنشاءه بساحة القلعة والفندق بمدينة بصرى الشام، مشيرا إلى أن عمليات الانشقاق مستمرة ولكن دون الإفصاح عنها، مضيفاً أن وفودا عسكرية سابقة في الجيش الحر إضافة لوجهاء المنطقة يلتقون بالعودة في سبيل الانضمام للفيلق وضم أبنائهم إليه، بدلا من إرسالهم للخدمة العسكرية في صفوف النظام أو إلحاقهم بميليشيات إيران وحزب الله..
وتابع المصدر: “إن المنشقين يتركون جيش النظام ويلتحقون بالفيلق بعد تسوية أوضاعهم مباشرة بمناطق خدمتهم من قبل روسيا، وأن الخطوة القادمة ستكون سحب حواجز النظام ودخول حواجز الفيلق عوضا عنها”.
المشروع الجديد:
وفيما يرى بعض أهالي درعا أن ما يجري بداية بوادر اقتتال روسي إيراني على السيطرة والنفوذ عبر ضرب شباب المنطقة ببعضهم، يرى الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي “طه عبد الواحد” بأن روسيا تسعى لضمان استقرار منطقة الجنوب السوري خاصة المنطقة الغربية القريبة من إسرائيل والتي يتموضع فيها الإيرانيون بشكل كبير، وهي منطقة حساسة لأمن اسرائيل الذي التزمت روسيا بضمانه من خلال اتفاقها مع أمريكا بإقامة منطقة خفض التصعيد عام 2017، عن طريق إبعاد إيران مسافة 80_ 85 كم.
وبحسب “عبد الواحد” فإن روسيا لا تعول على حل سياسي قريب في سوريا لذلك تحاول ضبط المنطقة وفرض استقرار عبر وجود قوة عسكرية يجعل من السهل الحفاظ على المنطقة وضبطها أمنيا.
كيف ينظر الأهالي في درعا لأحمد العودة:
يتذكر كثير من أبناء درعا الثائرين ضد نظام الأسد أحمد العودة بأنه حين بدأ النظام وروسيا عملية الهجوم العسكري المتفق عليها مع “العودة” على محافظة درعا، قاومت جميع فصائل الجبهة الجنوبية بالسلاح الذي تمتلكه، في حين بقي سلاح فصيل “أحمد العودة” في المستودعات إلى حين تم تسليمه لنظام الأسد وروسيا، واكتفى بكتابة عبارته “مالكم خريتو … اني بعدني بالبيجاما” في إحدى غرف الواتساب.
اتهامات أخرى وُجهت للعودة بتخليص الجنوب من معارضي النظام إما بالخضوع والقبول للتسوية مع الأجهزة الأمنية أو أن يتم ترحيلهم إلى الشمال السوري، سعيا الى مجتمع أكثر تجانسا كما وصف بشار الأسد في احدى خطاباته.
خلال أحداث مدينة الصنمين آذار 2020.. كان العودة حاضرا على الاتفاق الذي جرى والذي قضى بإخراج الثوار الرافضين للتسوية إلى الشمال السوري ليتمكن النظام بعدها من السيطرة على المدينة.
دور العودة في اتفاق الصنمين يأتي في انسجام كامل مع خطة اللواء “حسام لوقا” الموكل بملف الجنوب السوري لدى نظام الأسد والتي أسماها بإعادة فرض “هيبة الدولة” على الجنوب السوري.
الصحفي بشر أحمد من أبناء محافظة درعا ذكر أنّ الآفاق مسدودة أمام أبناء المحافظة فالخيارات أمامهم محدودة، وإن ما يدفعهم للانضمام للواء العودة هو جحيم الخيارات الأخرى.. فإما الفرقة الرابعة والأمن العسكري التي باتت تتبع لإيران أو الاعتقال أو التهجير، وهنا لا بد من اختيار توحيد جهود أبناء حوران ووضعها في مسارٍ واحد، ولا ضير في كون هذا المسار بقيادة العودة باعتباره أهون الشرور، ولكن ما هو مطلوب من العودة الآن هو أن يكون واضحاً وشفافاً وأن يشرح مشروعه الجديد بأبعاده وخلفياته وآفاقه أمام عناصره الجدد وكل أهالي حوران، بحسب الأحمد.
بالعودة إلى الوراء، ففي تشرين الأول 2017 دعا أحمد العودة خلال اجتماع ضم جميع فصائل الجبهة الجنوبية لتشكيل (القيادة العسكرية المشتركة) بهدف لمّ شمل فصائل الجنوب تحت قيادةٍ موحدة، إلا أن المشروع قوبل بالرفض من بعض الفصائل دون إفصاحهم عن الأسباب حينذاك.
واليوم يسعى “العودة” مرة أخرى لطرح ذات المشروع تحت مسمى آخر، فمنذ سيطرة النظام على درعا تموز 2018 يسعى العودة لضم أكبر عدد ممكن من الشباب في الجنوب السوري إلى اللواء الثامن في الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا وتشرف عليه بشكل مباشر.
فهل تلاقت مصالح روسيا وإسرائيل في اخراج إيران وميليشياتها من سوريا مع أحلام أحمد العودة في الزعامة، وكم سيكون العمر الزمني لهذا الاتفاق أم سينتهي بانتهاء المهمة المطلوبة، وما هو المصير الذي ينتظر أبناء محافظة درعا أم أنهم سيكونون الخاسر الأكبر دائما.