عاد رجل الأعمال و “حوت الاقتصاد السوري” “رامي مخلوف” للظهور بفيديو جديد من مكان إقامته، ظهر اليوم الأحد، حيث كشف عن تعرضه لضغوط وتهديدات جديدة، وحذّر من تداعيات خطيرة قد تتسبب بانهيار الاقتصاد ويلحقه انهيار أمور مجهولة.
أسف واعتذار
بدأ “مخلوف” حديثه بالاعتذار من أهالي المعتقلين من موظفي الشركة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، حيث أكدّ استمرار احتجازهم للضغط عليه للتنازل عن “عقود معينة، وأمور معينة لصالح وخدمة أشخاص معينين”، مكرراً أنّ عمله “أمانة ويجب عليهم الحفاظ عليها”.
ودعا المدير العام لشركة “سيريتل” للاتصالات أهالي المعتقلين لتحمل هذه الظروف، بعد عجزهم عن حل المشكلة مع الأجهزة الأمنية، كما حمّل الجهات التي اعتقلت موظفيه المسؤولية الكاملة عن تصرفاتهم، بعد القيام بإجراءات “غير نظامية”، مضيفاً أنّ الاستمرار بهذا النهج سيؤدي إلى خراب وانهيار الشركة، وبالتالي التأثير سلباً على أكثر من 6500 موظف و6500 مساهم، مع الإشارة إلى ارتباط الشركة بشركات وجهات أخرى لتنفيذ أعمالها.
وألمح مخلوف إلى أنّ تصرفات النظام بهذا الشكل ستؤثر على الشركة “الأنجح” في سوريا وفي الوطن العربي، والتي يشترك فيها 11 مليون سوري، حيث إنّ ذلك يؤدي إلى “ترهيب الموظفين” فيها حيث بدأوا يخافون من تبعات العمل، وقسم منهم قدم استقالته بعد هذه الأحداث.
ولم ينسَ مخلوف أن يعرج على أنّ شركته تقدم دعماً كبيراً لشريحة كبيرة من المجتمع السوري عبر مؤسسة “راماك الإنسانية”، مضيفاً أنّ هذا أمر “حرام” لأنّ شركته شركة خير وخدمة لمن وصفهم بـ “عيال الله”.
رضوخ مخلوف وتمادي للنظام
أكدّ قريب رئيس النظام أنّهم أبلغوا الجهات المطالبة بدفع المبالغ المالية بأنّهم سيدفعونها، علماً أنّها ليست مستحقة، وليست ضرائب كما تم الإعلان من قبل حكومة النظام، حيث إنّ هذا المبلغ تم فرضه من قبل “جهة معينة” بدون حق أو قانون، مضيفاً أنّهم طلبوا أن يدرس مسؤولو النظام آلية سداد للمبلغ بحيث لا تنهار الشركة، حسب قوله.
وسرد مخلوف مجريات اجتماع مع أشخاص من النظام طالبوا من خلاله بأمور أخرى، أولها أن يتم حصر تعامل شركة “سيريتل” مع شركة مختصة بكافة الأمور المتعلقة بعملها، وتؤمن لها كافة متطلباتها “من البرغي للبرج”، وعند إعجاب مندوبي الشركة بهذا الأمر طُلب منهم أن يحصروا التعامل مع هذه الشركة بشكل يمنع عنهم التعاقد مع غيرها نهائياً، وهو الأمر الذي رفضوه، لأنّهم قد يحصلوا على عروض أفضل.
متلازمة “وإلّا” التهديدية
لم تكن طلبات النظام طلبات بين طرفين عاديين، بل كانت طلبات بصيغة إجبارية يستغل من خلالها النظام السطوة الأمنية، ويهدد مع كل طلب بكلمة “نفذ وإلّا”، في إشارةٍ لزيادة الضغط والتهديد بتشديد الإجراءات بحق الطرف الآخر، الأمر الذي استنكره “مخلوف” متسائلاً “شو كل شغلة فيها تهديد، شو هالاقتصاد يلي كل شغلة فيه رح تكون تهديد، هذا أمر لا يمكنهم تنفيذه بهذا الشكل”.
ولم يخفِ “مخلوف” تخوّفه من “سرقة الشركة” في حال الرضوخ بدون شروط لطلبات النظام، لأنّها “أمانة”، وبناءً على ذلك وجدوا بعض الحلول الوسطية للطرفين، وعند السؤال عن طلبات أخرى، طلبوا أن يتم إبعاد “رامي مخلوف” من إدارة الشركة، لأنّه “يزعجهم”، مع استخدام “نفذوا هذا الطلب وإلّا أنتم المسؤولين عنه”، الأمر الذي رفضه مخلوف بشكل قاطع، حسب قوله في الفيديو.
وأكدّ مخلوف تعرض موظفيه للضغط أثناء جلستهم مع مندوبي النظام، حيث طلبوا منهم التوقيع على بعض الطلبات خلال مدة أقصاها “نصف ساعة”، “وإلّا سيتم التصرف معهم، الأمر الذي رفضوه وقدموا بسببه استقالتهم، كي لا يتحمّلوا عواقب هذا التوقيع، ليصبح التوقيع بيده فقط، وفي حال التمادي عليه فستنهار الشركة والاقتصاد “وأمور أخرى”، في تلميح لإمكانية انهيار النظام.
اجتماع رسمي ومطالب “خيالية”
وأوضح ابن عمة رئيس النظام أنّ مؤسسة الاتصالات طالبتهم برفع نسبة المبلغ المقدم لخزينة الدولة من 20% من أعمال الشركة (نصف الأرباح) إلى 50% أي ما يعادل 120% من الأرباح، وبالتالي سيدفعون من جيوبهم بالإضافة لخسارة كامل الأرباح.
واعتبر مخلوف أنّ هذا الأمر تخريب، لا سيما وأنّ النظام أمهلهم حتى يوم غد الأحد، وهذا أمر مرفوض، لأنّهم يخربون بذلك اقتصاد البلاد وعمل الشركة، حسب قوله.
فلسفة “مخلوفية”
دعا “مخلوف” للتعاون والتصحيح في التعامل بينهم وبين الدولة، إذ لا يمكن أن ينجح أحدهما بدون الآخر، مستعرضاً بعض “الفلسفة” الخاصة به، بالقول إنّ الحياة عبارة عن طرفين في كل شيء، ليل ونهار، سالب وموجب.
ولم يكن “حوت الاقتصاد” رغم تكلّفه ناجحاً بهذه الفلسفة، حيث وقع بخطأ بدائي مستخدماً فرضية “الأزواج”، حيث شرح أنّه يجب أن يكون هناك زوجين ليتم النجاح بالحصول على أولاد، فلا يجب الاستمرار بالتهديد لأنّ ذلك سيخرب هذا القطاع، وفقدان كثير من الموارد، والإساءة لكثير من المواطنين.
إرهاصات الانهيار وتغيير مفاجئ
عرّج “مخلوف على ارتفاع الأسعار إلى 10 أضعاف منذ 2011 وحتى منتصف 2019، وارتفاعها إلى 30 ضعفاً خلال الأشهر الأخيرة، بسبب حدوث متغير يعرفه مسؤولو النظام، معتبراً أنّ هذا الأمر سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد السوري.
ليختم بدعوة لتجاوز المشاكل والتعاون من أجل السوريين وكل من “يعشق تراب سوريا”، لأنّه “حرام بعد كل هذا الصمود أن نجعلهم ينهارون”، مطالباً ببناء الاقتصاد بتعاون “أبنائه” كي لا يتم فقدان “البركة”، بسبب “أثرياء الحرب” الذين يهمهم فقط طرف واحد.
الفيديو الذي شهد اختلافاً من حيث المضمون وطريقة الطرح وعدم “استجداء” رئيس النظام كما درجت عادة فيديوهات مخلوف حقق نسبة مشاهدات مرتفعة في ساعات قليلة، الأمر الذي يعكس اهتمام السوريين ومتابعتهم “بصمت” لهذه المشكلة التي قد تؤدي لمعركة اقتصادية كبرى بين النظام والحوت الذي تم تسمينه على حساب السوريين عبر عقود من الزمن.