القوات الروسية في مطار حميميم
مع انتهاء السنة الرابعة للتدخل الروسي في سوريا، قد يتساءل الكثير عن حجم الخسائر البشرية التي أوقعتها موسكو في صفوف المدنيين، فضلاً عن الأضرار التي خلفتها في البنى التحتية، بالإضافة للخسائر والمكاسب التي حققتها لنفسها.
أكثر من 300 نوع من الأسلحة الروسية تم اختبارها في سوريا وفقاً لوزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”، منذ 30 أيلول من عام 2015 حين انعقد مجلس الدوما الروسي لبضع دقائق ووافق بالإجماع (158 عضواً من أصل 170) على نشر “القوات الجوية الفضائية الروسية على أراضي سوريا لأجل غير مسمى”، وحينها كان الأمر وفقاً للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” مقتصراً على الغارات الجوية ضد من سمّاهم بـ “الإرهابيين”، قبل أن يتم زج القوات البرية في المعارك، والشرطة العسكرية للمشاركة في إدارة المدن التي تمت السيطرة عليها.
آلاف الضحايا وملايين من النازحين والمهجرين
بلغ عدد الضحايا المدنيين الذي قضوا بفعل الهجمات الروسية التي استهدفت 1300 مرة مناطق المدنيين في سوريا، نحو 6 آلاف و686 مدنياً، بينهم 808 نساء، وألف و928 طفلاً، وفقاً لإحصائية للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وتشير الشبكة إلى أن العام الأول للتدخل الروسي في سوريا، أسفر عن مقتل 3 آلاف و734، والعام الثاني عن ألف و547، والعام الثالث عن 958، والعام الرابع عن 447 قتيلا من المدنيين.
البنى التحتية والمشافي والمدارس لم تسلم من القصف، حيث استهدفت القوات الروسية 201 مدرسة، و190 مركزاً صحياً، و56 سوقاً شعبياً، بحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
منظمة “هيومن رايتس ووتش”، نشرت تقريراً في شهر تموز الماضي أكدت استخدام القوات الروسية والنظام أسلحة محظورة دولياً ومنها “العنقودي والحارقة”، كما أكد مراسل حلب اليوم تعرض مناطق عدة في الشمال السوري للاستهداف بقنابل الفوسفور (الفوسفور الأبيض) والقنابل المسمارية والانشطارية والفراغية بالإضافة لما بات يعرف في سوريا بـ “القنابل الارتجاجية” شديدة الانفجار القادرة على اختراق طبقات أسمنتية تتراوح بين 3 إلى 20 متراً.
كما أسفرت الحملة الروسية الداعمة لقوات النظام عن تهجير ونزوح الملايين من السكان من مناطق ريف دمشق ودرعا وحمص وحلب نحو الشمال السوري (إدلب وأرياف حماة وحلب)، حيث قدرت أعدادهم بين مهجر ونازح بحسب تقرير مكتب التنسيق والدعم التابع لمنسقي الاستجابة قرابة 3 ملايين شخص.
خسائر بشرية ومادية للروس في سوريا
تكبدت القوات الروسية منذ تدخلها في سوريا العديد من الخسائر البشرية والمادية، وبالرغم من أن موسكو لم تصدر أي إحصائية جديدة حول أعداد قتلاها، إلا أن رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور بونداريف، قال العام الماضي إن عدد القتلى بلغ 112 عسكرياً بينهم جنرالات.
بونداريف أشار إلى أن الخسائر البشرية لقوات بلاده في سوريا بلغت 112 عسكرياً، وأن حوالي نصف هؤلاء قتلوا جراء تحطم طائرة “أن-26” التي سقطت في قاعدة حميميم، واستهداف طائرة “إيل-20” من قبل مضادات النظام في 17 أيلول الماضي 2018 فوق البحر المتوسط.
موقع “inopressa” الروسي نشر تقريراً في وقت سابق قال فيه إن 116 عنصراً نظامياً من الجيش الروسي، قتلوا في سوريا، بينما لقي 200 آخرين مصرعهم هم عبارة عن مقاتلين يعملون في شركات خاصة مثل “واغنر”.
صحيفة ديلي صباح التركية أشارت العام الماضي إلى أن سلاح الجو الروسي خسر حتى نهاية العام المنصرم 37 طائرة ومروحية سقطت أو أسقطت، حتى مطلع عام 2018.
سوريا.. ساحة لتدريب المقاتلين الروس واختبار الأسلحة
قال وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” خلال مؤتمر عسكري في وقت سابق إن غالبية الطيارين المقاتلين قد سافروا إلى سوريا، وبحسب صحيفة “ريد ستار” العسكرية الروسية فإن 98% من أطقم النقل الجوي و90% من طواقم الطيران العملياتية والتكتيكية والجيش، وكذلك 60% من طياري الطيران بعيد المدى قد شاركوا في العمليات داخل الأراضي السورية.
ولفتت الصحيفة إلى أن ما يقارب من ثلث مختصي الدفاع الجوي الروسي، أي حوالي 32% من الجنود يعملون على تطوير كفاءتهم المهنية أثناء تنفيذ المهام في سوريا.
وكانت قناة روسيا اليوم عرضت تقريراً مصوراً مطلع العام الحالي للقوات الروسية داخل قاعدة حميميم في اللاذقية، أظهرت العناصر الروس وهم يتلقون تدريبات، حيث أشارت إلى أنهم يخضعون لتدريبات يومية بهدف تحسين مهاراتهم.
وكان رئيس اللجنة العسكرية في الجيش الروسي “إيغور ماكوشيف” صرح في وقت سابق، أن قيام بلاده باختبار الأسلحة في سوريا أتاح لهم إمكانية تحليل قدراتها وتعديل خطط تصميمها وتحديثها.
وترى صحيفة “ناشونال إنترست” أن روسيا استغلت تواجدها في سوريا لاختبار العديد من الطائرات بما في ذلك المقاتلة Su-35، والمهاجمة الإستراتيجية Tu-160، والمقاتلة الشبح Su-57 والعديد من الصواريخ والقنابل الذكية.
وقررت وزارة الدفاع الروسية وقف إنتاج 12 نموذجاً من الأسلحة بعد تجربتها في سوريا وثبوت فشلها، وقال “بوريس أوبسونوف” رئيس مؤسسة الصواريخ التكتيكية الروسية: ” لن أخفي الأمر، تم العثور على عيوب مختلفة في ظروف قتال حقيقية”، مضيفا “بالنسبة لنا، أصبحت الحملة السورية اختبارا جادا”.
قاعدتا “حميميم وطرطوس” لتعزيز التواجد الروسي جوياً وبحرياً
وقعت موسكو مع نظام الأسد في شهر آب 2015، اتفاقية تسمح لروسيا بتأسيس قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية من أجل انطلاق عملياتها العسكرية منها، هذه الاتفاقية، التي تمتد لـ أربعين عاماً، تسمح لموسكو بالإبقاء على القاعدة الجوية وأن يكون لها السيادة على الأرض أيضاً، وأن يكون لها إحدى عشر سفينة حربية، تشمل سفناً تعمل بالطاقة النووية، وأن يكون لها الخيار لتمديد هذه الاتفاقية لمدة خمس وعشرين سنة أخرى.
وفي كانون الثاني 2017، ألحقت روسيا هذه الاتفاقية باتفاقية أخرى، حيث صادق النواب الروس على اتفاق يقضي بتوسيع المنشآت المرفئية العسكرية الروسية في طرطوس في شمال غرب سوريا التي ستصبح قاعدة بحرية روسية دائمة.
وكان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” الذي تعهد في أيلول 2015 بأن تدخل بلاده في سوريا سيكون لثلاثة أو أربعة أشهر فقط، أطلق تصريحات عام 2016 قال فيها إن القوات المسلحة الروسية حققت أهدافها وطالب بانسحاب جزء منها، إلا أنه عاد ليعلن في شهر كانون الأول 2017، بأن القوات العسكرية الروسية يمكن أن تبقى طالما تطلب الأمر، وفي هذا العام والعام الذي تلاه استطاع النظام بدعم روسي السيطرة على درعا والغوطة الشرقية وريف حمص وحماة الشمالي.