تعبيرية
تحرُص معظم الشركات عادة على توظيف أشخاص أكفاء وموهوبين يساهمون في تحسين الأداء والرفع من مستوى الإنتاجية، ولكن حتى إن تم ذلك، سرعان ما قد تتفاجئ بعض الشركات بتقديم هؤلاء الموظفين الجيّدين استقالاتهم لأسباب أو لأخرى قد تكون غائبة عن الكثير من المدراء.
بحسب الدكتور “ترافيس برادبيري” صاحب كتاب “الذكاء العاطفي”، فإن هناك تسعة أسباب تدفع الموظفين الجيدين للاستقالة، كلها مرتبطة بطريقة تعامل رب العمل، فبالنسبة لهذا الخبير، فإن الموظفين لا يستقيلون بسبب العمل، وإنما بسبب رؤسائهم في العمل، فما هي هذه الأسباب التسعة؟
أول سبب حسب ما جاء في موقع “بيزنيز إنسايدر” هو إرهاق الموظفين بالعمل، فهذا الأمر يكون له وقع سلبي خاصة لدى الموظفين الجيدين الذين يتولد لديهم شعور بأنهم يعاقبون على عملهم الجيد، وتظهر نتائج أبحاث أجريت في جامعة “ستانفورد” أن مستوى الإنتاجية في الساعة يقل كثيراً عندما تتجاوز عدد ساعات العمل 50 ساعة في الأسبوع، وعندما تصل عدد ساعات العمل إلى 55 ساعة في الأسبوع فإن الإنتاجية تقل بشكل يصبح فيه العمل بدون جدوى.
وينصح خبير الذكاء العاطفي بضرورة مكافئة الموظف عند زيادة ساعات عمله، مثل الرفع من أجره أو ترقيته، فالموظف الموهوب مستعد لبذل جهد كبير في عمله، لكنه لن يرغب في البقاء في وظيفة ترهق كاهله بدون جزاء إضافي.
أما السبب الثاني وراء استقالة الموظفين الجيدين حسب “برادبيري”، فهو عدم تقدير العمل الجيد بالشكل الكافي، فالكثير من رؤساء العمل يقللون من شأن الشحنة المعنوية التي قد تمنحها حركة بسيطة مثل الربت على كتف أحد الموظفين.
عامل ثالث يعتبره الخبراء سبباً في استقالة الموظفين الجيدين وهو عدم اهتمام رب العمل بهم بالشكل الكافي، فالإحصائيات تشير إلى أن نصف الذين يستقيلون من عملهم يقومون بذلك بسبب علاقاتهم مع مدرائهم، والشركات الناجحة هي من تملك رؤساء يحققون التوازن بين المهنية والإنسانية، بحيث تجدهم يحتفلون بنجاح موظفيهم وأيضا يقفون إلى جانبهم في الأوقات الصعبة، ويفتحون أمامهم تحديات جديدة، إذ من الصعب أو من المستحيل العمل ثماني ساعات أو أكثر مع مدير همه الوحيد هو الإنتاج فقط.
سبب رابع هو عدم وفاء المدير بالوعود يترك صدى سلبياً لدى موظفيه، ويفقد مصداقيته أمامهم، فإذا لم يفِ المدير بوعده فلماذا يلتزم الموظف بذلك؟.
السبب الخامس هو توظيف أشخاص غير مناسبين وأكفاء، فالموظفين الجيدين يرغبون في العمل مع آخرين على نفس القدر من الكفاءة، وإذا حدث العكس فقد يؤدي ذلك إلى خلق أجواء سلبية في العمل، أيضا دعم وترقية الأشخاص الذين لا يستحقون يعتبر بمثابة إهانة للآخرين الذين يكدون في عملهم، لذلك فلا غرابة في استقالة الموظفين الجيدين.
السبب السادس هو عدم منحهم هامشاً لممارسة الأشياء التي يعشقونها، إذ أن الكثير من المدراء يرغبون فقط في أن يركز موظفوهم على العمل فقط، خشية انخفاض الإنتاجية، لكن هذا الخوف يبقى غير مبرر، فالدراسات تظهر أن القيام بأشياء يحبها الموظفون تضاعف من الإنتاجية خمس مرات.
السبب السابع هو عدم قيام المدراء بتحفيز موظفيهم، صاحب كتاب الذكاء العاطفي يرى أن من مسؤولية المدير معرفة كيفية الاستفادة من إمكانيات الموظف الموهوب وتطويرها، كما أن الموظفين الجيدين يرغبون في سماع تقييم رؤسائهم وإذا كانوا لا يحصلون على ذلك، فإنهم يملون بسرعة ويشعرون بالاستياء.
السبب الثامن هو عدم فتح المجال أمام الموظفين للتغيير وتحسين أمورهم، قد يعجل في كراهية العمل، خاصة وأن الموظفين الموهوبين لديهم رغبة كبيرة في التغيير.
السبب التاسع والأخير الذي يجعل بعض الشركات تفقد موظفيها المتميزين، هو عدم فتح تحديات جديدة أمامهم، فمن صفات المدير الجيد تشجيع موظفيه على تحقيق أشياء تبدو للوهلة الأولى غير ممكنة، أما إلزام الموظفين الموهبين والأذكياء بالقيام بأشياء بسيطة، فإن ذلك يسبب لهم الملل ويدفعه للبحث عن تحد جديد في مكان آخر!.
المصدر : دويتشه فيلله