شهدت الحدود السورية التركية حركة نشطة في “طرق التهريب”، بعد وصول أكثر من مئة ألف من المهجرين قسرياً إلى الشمال السوري، رغم صعوبة الطرقات ومخاطرها واستغلال بعض الجهات لإغلاق الحدود بشكل تام.
وقال مراسل حلب اليوم إن ندرة فرص العمل المناسبة، هي من أبرز الأسباب التي تدفع الشباب للتوجه إلى تركيا عبر طرق التهريب، مما يجعلهم عرضة لاستغلال المهربين، الذين اتخذوا من التهريب مهنة تدر عليهم دخلاً وفيراً.
وأضاف المراسل أن هذه المعطيات دفعت العديد من الفصائل العسكرية لاستغلال الأمر لصالحها، على امتداد الحدود السورية التركية، لا سيما “هيئة تحرير الشام”، التي قامت بتنظيم “مكاتب تهريب” على ارتباط مع أشخاص يمتهنون التهريب، إذ يفرض المكتب مبالغ مالية يتقاضها من الشبان لدى عبورهم إلى الأراضي التركية.
يقول “مصعب” وهو شاب مهجر من الغوطة الشرقية لحلب اليوم: “حاولت التوجه من الأراضي السورية إلى تركيا أكثر من سبعة عشر مرة، جميعها باءت بالفشل”. ويضيف “كانت لدي محاولات من جهة مدينة (دركوش) بريف إدلب، حيث يوجد مكتب لهيئة تحرير الشام مختص بأمور التهريب ويتعامل مع مهربي المنطقة، يفرض مبلغ 50 دولاراً أمريكي -عدا عن المبلغ الذي يتقاضاه المهرب- على كل راغب بالهجرة في حال نجحت المحاولة، ويتعهد المكتب بإعادة أموال أجرة التهريب من المهرب إن فشلت المحاولة”.
وأردف مصعب “محاولتي الأخيرة كانت من جهة اعزاز شمال حلب، وانتهت بكسر باليد اليمنى ورضوض بالوجه ناجمة عن ضرب بعض الجنود الأتراك إثر سلوكي خط التهريب من جانب قطعة عسكرية تركية أرشدني إليه المهرب”.
وكان حرس الحدود التركي قد شدد الرقابة على عمليات التهريب على الحدود السورية – التركية لمنع تسلل عناصر إرهابية تابعة لتنظيم الدولة أو منتمية لوحدات حماية الشعب الكردية.
ووثق نشطاء سوريون عشرات الحالات ممن تعرضوا للقتل والسلب، بالإضافة إلى الاعتداءات الجسدية واللفظية من قبل المهربين والوسطاء، خلال محاولات العبور نحو الأراضي التركية من ريفي إدلب الشمالي والغربي، بالإضافة إلى ريف حلب الشمالي.
وتمكنت الفصائل العسكرية في الآونة الأخيرة، من القبض على مهرب كان يستدرج المدنيين إلى مناطق خاوية بريف إدلب الغربي، ثم يقتلهم بعد سلب أموالهم.
وتمتنع حلب اليوم عن نشر صور جثامين السوريين الذين حاولوا العبور إلى تركيا وقتلوا على يد مهرب قرب مدينة دركوش وذلك لقساوتها.
يقول عبد الله أحد المهربين العاملين في ريف حلب الشمالي: “الأسعار تتفاوت من مهرب لآخر بحسب الطريق وضمان الوصول، فهناك طرق بـ 400 دولار أمريكي وهناك طرق بـ 600 دولار وأخرى بألف أو أكثر”، ولفت عبد الله إلى وجود طريق للدخول من معبري باب الهوى وباب السلامة بسعر يتراوح بين 3000 دولار و3500 للشخص الواحد.
ورغم الرقابة المفروضة من بعض الفصائل العسكرية، إلا أن مصادر خاصة لحلب اليوم -رفضت الكشف عن هويتها لأسباب أمنية- أكدت تعامل بعض العسكريين في المنطقة مع مهربين من الجانبين السوري والتركي، ويفرض هؤلاء، مبالغ مالية على الراغبين بالخروج إلى تركيا بطريقة غير شرعية، يتفاوت قدرها بحسب سهولة الطريق أو صعوبته وفق المصادر.
ويتكرر استغلال وخداع الراغبين بالخروج من سوريا بشكل كبير من قبل المهربين، دون اكتراث بحياتهم، وكان مراسلنا أفاد بوفاة تسعة شبان من مهجري درعا بتاريخ 25-7-2018 في مدينة راجو بريف حلب، بعد أن غرقوا في النهر الأسود القريب من الحدود التركية حيث أرشدهم المهرب للطريق بمساعدة بعض العسكريين، ما أدى إلى غرقهم جميعاً، لافتاً إلى أن فِرق الدفاع المدني تمكنت من انتشال سبع جثث من أصل تسعة دون أن تتمكن من العثور على بقية الجثث الأخرى.
وذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر سوتشي الأخير مع نظيره الروسي والإيراني أن “تركيا استقبلت ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ وأنها لم تعد قادرة على استقبال المزيد”.
وكانت تركيا قد أغلقت حدودها بشكل كامل حتى إشعار آخر لم تحدده في عام 2015، بعد أن اتبعت سياسة الباب المفتوح لمدة 4 سنوات، واستثنت في وقتها عبور سيارات الإسعاف والشاحنات التجارية وشاحنات المجتمع المدني التي تعمل على تقديم الخدمات للداخل السوري، كما قامت السلطات التركية لاحقاً بإصدار قرارٍ يمكن السوريين من لم شمل عائلاتهم خصوصاً الزوج أو الزوجة والأطفال دون ال18.