افتتح محله للبوظة العربية التقليدية “بوظة الدق” في إحدى مدن كندا، وأطلق عليه إسم أميسا للبوظة العربية، وزين المحل من الداخل بفنون الأرابيسك والدهان العجمي و الزخارف الدمشقية التي تضفي على المكان سحراً خاصاً، إضافةً للباس العُمال التقليدي.
ويبدو على الشاب “سامر جوخدار” صاحب المشروع وهو يرحب بمرتادي المحل من العرب والكنديين ويقدم لهم من وراء واجهة زجاجية عينة مجانية من البوظة الشهية بطريقة ملفتة وآسرة، الفرح والسعادة، بعد أن أتم مشروعه وبدأ به.
ومن خلال ماكينة قديمة اشتراها في حمص، تعلم سامر صنع البوظة في منزله بتشجيعٍ من أهله، وكبر وهو يحلم بإنشاء مشروع صغير لتصنيع وبيع البوظة، وكان يقوم بتوزيع ما ينتجه في المنزل على المحلات والبقالات في المدينة.
تمكن سامر بالفعل من شراء محل وخط انتاج في حمص بقدرة إنتاجية تعادل ستة أضعاف إنتاجه في المنزل، بمساعدة صديقة للعائلة ثامت بتمويله، لكن المشروع توقف في اللحظات الأخيرة بسبب عدم موافقة النظام على تركيب ساعة كهرباء قدرة 3 فاز رغم أن المشروع كان مستكملاً لكل الشروط والكشوف الصحية.
مع بدايات انطلاقة الثورة وحصار حي باب السباع انتهى آخر أمل لسامر في إتمام حلمه واضطر للجوء إلى الأردن مع عائلته، ضمن موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها حمص بداية العام 2012، تاركاً كل شيء خلفه، وفي العام 2016 طُلب للجوء إلى كندا ضمن برنامج التوطين ووصل إلى هناك بتاريخ 26/1/2016.
ووفق مانقل موقع اقتصاد، فبعد وصول سامر كندا بستة أشهر شارك بمسابقة لمؤسسة “إنا كتسكندا” الخيرية في مدينة “هاليفاكس” ضمن ورشة عمل للقادمين الجدد من سوريا بهدف تشجيعهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة، وفاز مشروعه المتمثل بتصنيع البوظة العربية بالطريقة التقليدية (الدق) بالمركز الأول ومبلغ ألف دولار وتم تكريمه من قبل وزيرة الهجرة الكندية في “نوفا سكوشا” “لينا دياب”.
وشرح رائد الأعمال الشاب طبيعة مشروعه الفائز ضمن 40 مشروعاً حيث يتم تصنيع البوظة التقليدية القديمة بمدقات الخشب الكبيرة في أحواض مبردة، ويكتسب هذا النوع من البوظة التي اشتهر بها محل بكداش العريق بطعمها اللذيذ المكون من المستكة والفستق الحلبي.
ولكن الجديد وفق ماذكر سامر للموقع، هو تصنيع مختلف الأصناف الأخرى مثل بوظة الفواكه بأنواعها “فريز وتوت وموز وليمون ومنجا وكيوي ورمان ودراق) ونكهات أخرى، وحتى الأصناف الايطالية أو الغربية متل بوظة بحشوات “السنكرز والأوريو وباونتي ومارس وكتكات وفريرو” وأنواع متعددة من النوتيلا، والشوكولا. وكلها تُصنع بطريقة الدق واستخدام المطيبات فيها مثل ماء الورد وماء الزهر والسحلب.
وأوضح جوخدار أن ما يميز البوظة التي يقدمها عن تلك التي اعتادها سكان هاليفاكس هو كثافتها والاستخدام الملحوظ للمكسرات فيها وهي تحتاج لوقت أطول حتى تذوب في الفم.
بعد ذلك أُتيح للشاب الحمصي فرصة العمل لدى محل وكيل لشركة Marble Slab Creamery بشكل مجاني بحسب نصيحة أحد أصدقائه الكنديين ليتعرف على طريقة الكنديين ومزاجهم في النكهات.
ويقول سامر أنه أجرى ذات مرة تجربة اختبار لمنتجه بين الكنديين ووزع 100 عينة على 100 شخص ضمن أحد النشاطات مع ورقة يكتب فيها الكندي رأيه دون إظهار الاسم تجنباً للإحراج أو المجاملة، فكانت النتيجة أن البوظة أعجبتهم-كما يقول- بنسبة 80 % مقابل 20% وجدوها عادية وتشبه الجيلاتو الايطالي أو الغربي عموماً.
ولفت جوخدار إلى أن العشرات من العروض انهالت عليه بعد ذلك من العرب المهاجرين والمقيمين من فترات طويلة في مدينة هاليفاكس ومن رؤوس أموال سورية وكل هذه العروض باءت بالفشل وكانت عبارة عن سراب، وحينها عرض عليه أحد الأصدقاء دعمه بالمال اللازم لافتتاح محل خاص فقرر افتتاح محله “أميسا” تيمناً بالاسم القديم لمدينة حمص التي غادرها قبل خمس سنوات.