في تناقض صارخ مع التحسن الملحوظ الذي تشهده مدن رئيسية مثل دمشق وحلب، تعاني محافظة إدلب من أزمة كهرباء متصاعدة، حيث تحولت الخدمة إلى سلسلة من الانقطاعات اليومية والتقنين العشوائي الذي يصل إلى معدل 6 ساعات يومياً، مما يعطل الحياة اليومية ويُلحق خسائر فادحة بالقطاع الاقتصادي، فضلا عن مأساة المناطق الريفية المدمرة التي تخلو تماماً من التيار الكهربائي.
وتعتبر شركة “غرين إنرجي” (Green Energy)، المسؤولة عن التغذية الكهربائية في المحافظة، ويتهمها سوريون بالمسؤولية عن هذا التدهور الحاد، وبـ “الاستهتار المتعمد” و”الفشل الواضح في الإدارة”، دون أن تقدم الشركة أي رد أو تعليق، أو تفسير لأسباب الأزمة.
وتنقل الصفحات المحلية على فيسبوك شكاوى كثيرة للمواطنين، منهم أصحاب الورش والمصانع الذين يقولون إنهم يتكبدون خسائر يومية، وآخرون يشكون من احتراق أجهزتهم الكهربائية نتيجة التقلبات المفاجئة في التيار، وقد طالبت جهات محلية وزارة الطاقة والوزير محمد البشير، بضرورة “اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة” لإلزام الشركة بتحسين خدماتها، ويؤدي هذا الوضع لارتفاع التكاليف المعيشية بسببب الاعتماد على المولدات والطاقة الشمسية.
المناطق الريفية
تعاني المناطق المدمرة الانقطاع التام في بعض أرياف إدلب وحماة وحلب منذ تحرير البلاد، مع غياب البنية التحتية من كابلات ومحطات تحويل وأبراج، ويترك ذلك الواقع تأثيرا سلبيا على الزراعة مع ندرة الحلول البديلة للري.
وفيما يخص التبريرات الرسمية، أصدر مدير كهرباء المحافظة، إبراهيم حميجو، تصريحاً حاول فيه تفسير الوضع، إلا أن التعليقات على منشوره كشفت سخطاً واسعاً ورفضاً لهذه المبررات، واصفين إياها بأنها “لا تلامس الحقيقة” و”تستخف بالعقول”، مشيرين إلى أن الأزمة بدأت قبل أشهر وليست مرتبطة بموسم الشتاء الحالي فقط.
وتتفاقم المعاناة بشكل كارثي في المناطق الريفية، حيث لا يزال انقطاع الكهرباء كاملاً وشاملاً منذ التحرير قبل أكثر من عام في أرياف إدلب الشرقية والجنوبية وريف حماة الشمالي. ويؤكد المزارع أبو محمود من ريف حماة، لحلب اليوم، أن “شبكات وأكبال الكهرباء” لم تُمدد، وسط غموض تام حول موعد تنفيذ الوعود الحكومية بإيصال التيار، وهو ما يراه مؤشرا على أن إيصال الكهرباء لا يزال أمرا بعيدا.
ويُعد هذا الانقطاع ضربة قاصمة للزراعة، التي تعتمد على الكهرباء في عمليات الري ورغم لجوء المزارعين إلى حلول بديلة كالطاقة الشمسية، إلا أنها تبقى غير كافية، خاصة مع تقلبات الطقس في فصل الشتاء التي تحول دون تشغيلها بشكل منتظم، وهو ما يؤكده المزارع أبو محمود من ريف حماة الشمالي.
تحسن في مدن أخرى.. وصورة قاتمة لإدلب
بينما تغرق إدلب في الظلام، تشهد مدن سورية أخرى تحسناً لافتاً في خدمات الكهرباء، وهو ما يزيد من مشاعر الإحباط لدى سكان المحافظة، ففي العاصمة دمشق، سُجلت أطول فترة استقرار كهربائي منذ 13 عاماً، مع عدم انقطاع التيار لأكثر من 18 ساعة متواصلة في معظم أحيائها.
كما عاد التيار الكهربائي إلى أكثر من 20 ساعة يومياً في مدينة حلب بعد 14 عاماً من المعاناة، وأُعيد تشغيل محطة باب النيرب للكهرباء فيها.
أما في إدلب، فالحل الوحيد المتاح أمام السكان هو العودة إلى المولدات الخاصة والاعتماد على الطاقة الشمسية، وهي حلول باهظة الثمن وتنطوي على مشاكل تقنية، ولا توفر حلاً كاملاً وخصوصاً في فصل الشتاء.
ويُطالب أهالي إدلب وريفها بخطوات عملية وفورية، تبدأ بتحميل شركة “غرين إنرجي” مسؤوليتها وتحسين أدائها بشكل جذري، أو استبدالها إذا استمر التدهور، كما يطالبون بإنهاء الغموض المحيط بمصير المناطق الريفية، ووضع جدول زمني واضح لإعادة بناء البنى التحتية المدمرة وتمديد الشبكات الكهربائية.






