في خطوة تاريخية تنهي أكثر من عقد من العزلة المالية، أعلن مصرف سوريا المركزي عن اتفاقية إستراتيجية مع شركة فيزا العالمية لتطوير منظومة الدفع الرقمية في البلاد، وذلك خلال اجتماع عقد الخميس الماضي في مقر البنك المركزي بدمشق، مؤكدا وجود بنوك عربية وتركية وأجنبية أعربت عن رغبتها بدخول السوق السورية.
وتأتي هذه الخطوة كأحدث حلقة في سلسلة إجراءات تهدف لإعادة ربط الاقتصاد السوري المتعثر بالأسواق العالمية بعد سنوات من الحرب والعقوبات الشاملة.
ويتمحور الاتفاق حول بناء بنية تحتية آمنة للمدفوعات الرقمية بالتعاون مع المؤسسات المالية المرخصة، مع إصدار بطاقات الدفع وتمكين المحافظ الرقمية وفق المعايير العالمية.
ويشمل الموضوع أيضا تمكين التجار من خلال حلول منخفضة التكلفة مثل QR Codes وتقنية “Tap to Phone”، ببالإضافة للرؤية طويلة الأمد عبر إنشاء نظام دفع متكامل يضم شركاء عالميين لتحويل سوريا إلى مركز مالي لمنطقة بلاد الشام.
الاقتصاد ينمو بوتيرة أسرع من التوقعات
أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، في تصريح لقناة العربية، أن هذه الشراكة تمثل “بداية فصل جديد من الأمل والفرص للاقتصاد السوري”، مشيراً إلى أنها مسار واضح لتسريع التحديث وتعزيز الشفافية.
من جهتها، وصفت ليلى سرحان، نائبة الرئيس الإقليمي الأول لفيزا، وجود منظومة مدفوعات موثوقة بأنه “أساس التعافي الاقتصادي” ومحرك أساسي يعزز الثقة لعودة الاستثمارات.
ويرسم مسؤولو البنك المركزي صورة متفائلة للأداء الاقتصادي الحالي، تقوم على عدة معطيات منها انخفاض التضخم من 170% إلى 15% وفقاً لتصريحات الحصرية، وتحسن سعر الصرف، حيث إن الليرة ارتفعت بنسبة 30% منذ سقوط النظام، بالإضافة لتدفق تحويلات المغتربين التي تقدر بنحو 4 مليارات دولار منذ التحرير.
ويشير الحصرية إن أن الاقتصاد ينمو “بوتيرة أسرع بكثير” من تقديرات البنك الدولي البالغة 1% لعام 2025، ويربط ذلك بتدفق العائدين إلى البلاد.
ومع ذلك، يواجه هذا التفاؤر تحديات كبرى.، فالتقرير الاقتصادي السوري لا يزال يعاني من عدم اليقين، إذ يفتقر لبيانات اقتصادية موثوقة كما أقر الحصرية نفسه، كما صنف البنك الدولي الوضع في سوريا بأنه “شديد التقلب”، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 53% بين عامي 2010 و2022، وتم تصنيف سوريا كدولة منخفضة الدخل منذ 2018.
لا تزال سوريا بحاجة لرفع العقوبات
يصف الحصرية رفع العديد من العقوبات الأمريكية على سوريا بأنه “معجزة”، مستذكراً حجم النظام العقابي الذي تراكم على البلاد لأكثر من 50 عاماً وقد شهدت الفترة الماضية تحركاً دولياً ملحوظاً بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024.
وقد خففت واشنطن أجزاء مهمة من برنامج عقوباتها، وأعلنت الحكومات الأوروبية إنهاء عقوباتها الاقتصادية على سوريا، وفيما يرى الحصرية أن رفع العقوبات سهل عملية الاندماج المصرفي العالمية، فإنه يأمل أن يتم الرفع النهائي لقانون قيصر بحلول نهاية 2025.
وأشار إلى مناقشات جرت مع المشرعين الأمريكيين، وهو ما سيرسل برسالة طمأنينة للبنوك المراسلة العالمية.
يشار إلى أن الحكومة السورية تعمل على توسيع خطط الإصلاح لتشمل النظام المالي والنقدي بأكمله عبر إطلاق عملة جديدة، و طلب البنك المركزي من جميع المصارف السورية إجراء “اختبار الضغط” لحل المشاكل، ومعالجة الانكشاف على لبنان والذي يبلغ قيمة 1.6 مليار دولار على النظام المصرفي اللبناني.






