تؤكد السلطات السورية تورط فلول النظام البائد في تأجيج الفوضى والتحريض الطائفي في الساحل السوري، فيما يحذّر مراقبون من أن هذه الأحداث تمثّل محاولات مشبوهة لزعزعة استقرار البلاد وتقسيمها.
وقد أعلن قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، العميد عبد العزيز هلال الأحمد، أن عناصر الأمن تعرضوا لإطلاق نار مباشر أثناء قيامهم بحماية وقفة احتجاجية عند “دوار الزراعة” في المدينة. وأسفر الحادث عن إصابة عنصرين من الأمن الداخلي وعدد من المدنيين، مشيراً إلى رصد “مجموعات مرتبطة بخلايا إجرامية تابعة لفلول النظام البائد” عملت على تأجيج الفوضى، والاعتداء على عناصر الشرطة، وتخريب وتحطيم الآليات الرسمية.
ويُعبر مراقبون عن مخاوفهم العميقة من أن تكون هذه التحركات جزءًا من مخطط أوسع يهدد كيان سوريا، حيث يرى الصحفي محمد العويد، في تصريح لحلب اليوم، أن المظاهرات شهدت “مظاهر وتعبيرات وهتافات ذات طابع طائفي” يشكل خطرًا على العيش المشترك في المستقبل. ويتمنى أن تركز المطالب على القضايا الجامعة للسوريين، مثل المطالبة بالعدالة الانتقالية ورفع علم سوريا الجديدة موحّدًا.
من جانبه يحذّر الكاتب الصحفي زياد المنجد مما يحدث واصفًا إياه بـ”محاولات لتقسيم الوطن السوري”، مشيرًا إلى أن الدعوات التي تطلق من الساحل تترافق مع دعوات انفصالية من مناطق أخرى. ويرى أن المطالبة باللامركزية السياسية وإطلاق سراح معتقلين هي أمور “تصب في مصلحة الكيان الصهيوني” الذي يحاول زعزعة استقرار سوريا.
خلفية المظاهرات
جاءت تلك الاحتجاجات استجابة لدعوة أطلقها الشيخ غزال غزال، رئيس ما يُعرف بـ”المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر”، وطالبت “بوقف القتل والفيدرالية وإطلاق سراح الموقوفين”. تأتي هذه الأحداث في إطار مرحلة انتقالية حرجة تمر بها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث تواجه البلاد تحديات أمنية ومجتمعية جسيمة.
ويشير المنجد إلى “دعوات الانفصاليين من الجنوب في السويداء إلى الجزيرة حيث تحكم قسد، ثم الآن فلول الساحل السوري وأنصار النظام البائد وضمن تكاتف هذه الدعوات ظهر رئيس ما يسمى بالمجلس الإسلامي العلوي في سوريا غزال غزال في كلمة استفزازية بشكل كبير ووصف الحكومة بأنها “سلطة الأمر الواقع الإرهابية التكفيرية الفئوية”.. هذا كلام خطير جداً، وقد دعا إلى تظاهرات طالبت باللامركزية السياسية، وإطلاق سراح المعتقلين”.
وأكد أن تلك المطالب من المستحيل أن يقبل بها كل السوريين، مضيفاً: “لا تفكروا في هذا الأمر على الإطلاق.. نحن مع وحدة سوريا ويجب أن تكونوا أنتم معنا ضمن سوريا موحدة. أما بالنسبة لإطلاق سراح المعتقلين فالرئيس الشرع عندما وصل إلى دمشق قال “اذهبوا فأنتم الطلقاء” ولم يعتقل أحداً.. الذين أمطروا سماء المدن بالبراميل المتفجرة لم يعتقلوا.. الذين عاثوا فساداً في الفروع الأمنية واعتقلوا وقتلوا وعذبوا لم يعتقلوا.. ضباط الفرقة الرابعة وغيرها التي سرقت سوريا وقتلت الكثير لم يعتقلوا.. تم توقيف عدد قليل، فعن أي ضباط وعن أي معتقلين تتحدثون؟ هذه الأمور كلها تصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي يحاول زعزعة الاستقرار في سوريا”.
من جانبه قال العويد، إن قوى الأمن الداخلي بوزارة الداخلية السورية سجلت نقطة مهمة ومفصلية حين أظهرت الوجه الحضاري والديموقراطي والمدني لسوريا الجديدة، لكن يجب علينا أن ننوه إلى أنه بقدر ما هو محفوظ حق التظاهر لجميع السوريين بمختلف انتماءاتهم، وأطيافهم، وتوجهاتهم السياسية، فإنه علينا أن لا نستهين بذلك ولا نرمي كل الحمل على وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، بل أن نكون واعين ومدركين لخطورة هذه التظاهرات.
وأضاف أن “الهتافات ذات الطابع الطائفي تهدد السلم الأهلي وتقوض ما يمكن البناء عليه للعيش المشترك مستقبلاً وهذه إشكالية يجب أن نتوقف عندها.. كنت أتمنى شخصياً أن نرى مطالب محقة تجمع السوريين لا تفرقهم. لو كنا رأينا هذه الحشود في ساحة الأمويين تدعو للمطالب المشتركة اتجاه استحقاقات المجتمع الدولي لمساعدة سوريا والنهوض بالدولة السورية لتستطيع تقديم ما يمكن لمواطنيها عبر المطالبة بالعدالة الانتقالية لجميع السوريين، تمنيت شخصياً أن نرى لو علماً واحداً للدولة السورية الجديدة.. للأسف هناك مخاوف وهواجس حول هذه المظاهرات”.





