شهدت العاصمة العُمانية مسقط، زيارة رسمية هي الأولى من نوعها، لوزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، في خطوة تهدف إلى تعميق أواصر التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة بين البلدين.
وخلال الزيارة، عقد الوزير الشيباني سلسلة من اللقاءات المثمرة مع كبار المسؤولين العُمانيين، حيث التقى سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد، وقيس اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
وركزت المباحثات، وفقًا للبيانات الرسمية، على حزمة من الملفات المشتركة، أبرزها تعزيز التعاون الاقتصادي خاصة في قطاعات الطاقة والتجارة والصناعة والإنتاج، بما يخدم المصالح المشتركة، وإعادة إعمار سوريا عبر بحث سبل تعزيز التبادل التجاري ودور القطاع الخاص العُماني في عملية إعادة الإعمار، بالإضافة لتطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.
بدوره، علق الكاتب والمحلل السياسي السوري، حسام نجار، على أهمية هذه الزيارة، واصفًا إياها بأنها “جاءت وفي وقتها”، وأضاف في تصريح خاص لقناة “حلب اليوم“: “وزارة الخارجية السورية ترسي الآن قواعد العلاقات الدبلوماسية الصحيحة، معتمدة على نهج تعاوني ندّي مع الدول العربية”.
أهمية الموقع الجيوسياسي
أشار نجار إلى أن عُمان، بموقعها الدبلوماسي المميز كـ “عراب إيران في المنطقة”، تمثل شريكًا مهمًا لدمج سوريا في محيطها الإقليمي، مؤكدًا أن الزيارة تهدف إلى “ملء الفراغ” وبناء علاقات جديدة قائمة على أسس متينة، تختلف عن النهج السابق للنظام البائد الذي كان يركز على المصالح الضيقة.
وأضاف أن وزارة الخارجية السورية هي أكثر الوزارات نشاطا وحيوية وتعتمد على تنمية علاقاتها الأفقية في سائر أرجاء المعمورة، وبالتالي نجد أن الوزير أسعد الشيباني لا ينفك عن الزيارات الطويلة والبعيدة والقريبة لكل هذه الدول وآخرها الزيارة التي تمت إلى عمان.
وأضاف أن سلطنة عُمان “تعتبر عراب إيران في مجلس التعاون الخليجي لذلك يبحث الرئيس أحمد الشرع ومعاونة أسعد الشيباني أن تكون علاقتهم مع كل الدول العربية أفقية ندية تعاونية بشكل أساسي لعدة اعتبارات، منها أنه لا يوجد خلافات ما بيننا وبين عمان أو غيرها من الدول، وأن تلك الدول رغم أنها في مرحلة ما كانت تقف مع الأسد لكن الماضي قد ولى، لذلك تعتمد وزارة الخارجية السورية الآن على تقوية العلاقات مع هذه الدول وإنشاء علاقات جديدة تجارية اقتصادية سياسية لملء الفراغ الذي تركه نظام الأسد والذي كان يعتمد على المصالح فقط ولا يعتمد على الندية في العلاقات”.
بناء شراكة استراتيجية شاملة
من جهته، أعرب الوزير الشيباني عن شكره لنظيره العُماني، بدر بن حمد البوسعيدي، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، وقال عبر حسابه على “إكس”: “نأمل أن تسهم نتائج هذا اللقاء في بناء علاقة استراتيجية راسخة بين الجمهورية العربية السورية وسلطنة عمان في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية”.
وتمثل زيارة وزير الخارجية السوري إلى مسقط علامة بارزة على مساعي دمشق لتعزيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي وإعادة بناء تحالفاتها الإقليمية، حيث تُعتبر عُمان بوابة مهمة للحوار مع دول مجلس التعاون الخليجي والقوى الإقليمية الفاعلة، في خطوة يُنتظر أن تليها مباحثات ومشاريع مشتركة تعزز من التعافي الاقتصادي لكلا البلدين.
ورآى نجار أن هذه الزيارة “تعتبر جيدة وفي وقتها فرغم أنها جاءت متأخرة قليلا عن الزيارات التي تمت إلى بقية الدول الخليجية لكن لا مانع من ذلك، فمن الواجب القيام بها والبدء بعلاقات اقتصادية وسياسية وثقافية مع دولة عمان وبالتالي نأمل أن تزداد تلك العلاقات لتمتد إلى مناطق المغرب العربي بشكل كامل”.
وكان الشيباني قد زار كلا من الصين وبريطانيا قبل أن يتوجه إلى مسقط، في جولة عالمية بدأها رفقة الشرع من واشنطن.






