وسط إجراءات أمنية مشددة وردود فعل مجتمعية وسياسية حادة، تواجه محافظة حمص اختباراً صعباً للاستقرار الذي تحقق بعد سنوات من الحرب، إثر جريمة قتل مروعة بحق شاب وزوجته في بلدة زيدل، هدفت إلى إشعال الفتنة وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقد كشف قائد الأمن الداخلي في المحافظة، العميد مرهف النعسان، أن قوى الأمن عثرت على عبد الله العبود الناصر الخالدي وزوجته مقتولين داخل منزلهما في بلدة زيدل جنوب حمص. ولم تكن الجريمة تقليدية، إذ أشار النعسان إلى أن الجناة لم يكتفوا بالقتل، بل أحرقوا جثة الزوجة وعثِر في موقع الحادث على عبارات تحمل طابعاً طائفياً، مما دفع بالسلطات إلى اعتبار الحادث محاولة متعمدة “لبث الفتنة بين الأهالي”.
ورداً على ذلك، فرضت قوى الأمن الداخلي حظر تجوال في مدينة حمص أمس الأحد، بدءاً من الساعة الخامسة مساءً وحتى الخامسة صباحاً، قبل أن تُمدده، وعززت من انتشارها في بلدة زيدل والمناطق الجنوبية من المحافظة، في إجراء وقائي يهدف إلى “قطع الطريق على أي محاولات لزعزعة الاستقرار المجتمعي”.
موقف عشائري وديني موحد
في رد فعل يعكس حرص القوى المجتمعية على منع الانزلاق إلى الفتنة، أطلقت عشائر محافظة حمص، وعلى رأسها قبيلة بني خالد – التي ينتمي لها الضحية – بياناً مصوراً استنكرت فيه الجريمة بشدة، وحذرت من أن “الهدف منها هو إشعال الفتنة”، وشدد البيان على “الوقوف الكامل مع الدولة وإجراءاتها الأمنية”.
كما طالب البيان الجهات المختصة بـ”كشف الجناة وسوقهم إلى العدالة”، ودعا جميع أبناء المحافظة إلى “ضبط النفس” والالتزام بتعليمات الجهات الأمنية.
من جانبه، وصف مفتي حمص الشيخ سهل جنيد الحادثة بأنها “جريمة تدعو للحزن”، مؤكداً أن هدفها “إثارة الفتنة وزرع الحقد بين الأهالي”.
وأضاف في تصريحات واضحة أن “سوريا المنتصرة تُقاد بالعدل والحكمة لا بالفتنة والدم”، معتبراً أن “القصاص من الجناة هو واجب الدولة والأجهزة الأمنية”، في تأكيد على تفويض الأمر للسلطات الرسمية ورفض منطق الثأر الفردي.
اضطرابات ميدانية
كشف مدير صحة حمص الدكتور عبد الكريم غالي عن تبعات الأحداث على القطاع الصحي، مشيراً إلى أن المشافي استقبلت جثتي الضحيتين، بالإضافة إلى 18 إصابة معظمها ناجم عن “إطلاق النار العشوائي” وبعض الحوادث المرورية.
وأكد غالي أن معظم الإصابات بحالة مستقرة باستثناء إصابة واحدة حرجة، مطمئناً الأهالي بأن الوضع الصحي “تحت المتابعة المستمرة” وأن الكوادر الطبية تعمل “بكامل جاهزيتها”.
يذكر أن نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، قالت أمس عبر منصة “X”، إنها تتابع “التطورات المقلقة في حمص عن كثب”، بما في ذلك التقارير عن “وقوع هجمات ضد المدنيين والممتلكات”، وشددت على “الحاجة الملحة” لـ “إعادة الهدوء، وضمان حماية المدنيين، واحترام سيادة القانون، ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف”.






