تُعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى نيويورك محطة تاريخية بارزة، بأبعادها السياسية والدبلوماسية المرتبطة بانتصار الثورة السورية والمكانة التي نالتها في المحافل الدولية، فضلا عن كونها الأولى من نوعها منذ عقود طويلة.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة ليست مجرد رحلة بروتوكولية، بل هي خطوة مهمة نحو فتح قنوات جديدة للحوار مع المجتمع الدولي، وإزالة التحديات التي تعيق تطلعات الشعب السوري.
وقال المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، إن الرئيس الشرع يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الأحد، للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في دورتها الـ80، التي تعقد بين 23 و30 أيلول، حيث يعد أول رئيس سوري يشارك في هذا الحدث منذ 60 عامًا.
الأهمية التاريخية
كان أول رئيس سوري شارك في أعمال الجمعية العامة هو نور الدين الأتاسي عام 1967، لكن العدوان الإسرائيلي في حرب حزيران التي تعرف بـ “النكسة”، أثرت سلبا على العلاقات السورية مع الولايات المتحدة والغرب، ما أدى لانقطاع المشاركة.
ورغم محاولات حافظ الأسد لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أن العقوبات الأمريكية لم ترفع عن سوريا، بل زادت في عهد ولده بشار، ووصلت إلى حد فرض حظر السفر ومنع “الرئيس السوري” من دخول الأراضي الأمريكية، بل والعديد من الدول الأوروبية، فضلا عن العقوبات الأممية.
وتناقش اجتماعات الجمعية العامة القضايا الدولية وتقدّم التوصيات في نهايتها، فضلا عن اعتماد ميزانية الأمم المتحدة، وانتخاب أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، وتعيين الأمين العام بناء على توصية مجلس الأمن، كما تشمل اختصاصاتها تعزيز التعاون في مجالات السلم والأمن، وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم التوصيات لتسوية النزاعات.
وسيشارك الشرع في اجتماعات الجمعية العامة برفقة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، الذي يزور الولايات المتحدة منذ يوم الخميس، رفقة وفد دبلوماسي رفيع المستوى، ومن المقرر أن يشاركا أيضا في العديد من الاجتماعات والفعاليات بالأمم المتحدة، إضافة إلى عقد لقاءات ثنائية مع قادة الدول ورؤساء الوفود المشاركة بأعمال الجمعية العامة، بحسب وكالة سانا.
ومن المرتقب أن يتحدث الرئيس السوري خلال فعالية إعلامية خاصة مساء اليوم إلى جانب مشاركين آخرين.
البعد السياسي للزيارة
جاءت هذه الزيارة في توقيت حساس، حيث تزايدت النقاشات الدولية حول الملف السوري، ويمنح حضور الشرع إلى نيويورك صوتاً إضافياً للسوريين في واحدة من أهم العواصم السياسية العالمية، كما يمكّنه من إيصال رسائل مباشرة إلى مراكز القرار الدولي، وفق مراقبين.
وتعتبر نيويورك عاصمة الدبلوماسية العالمية ومقر الأمم المتحدة، والزيارة إليها هي بمثابة فرصة للتواصل مع قادة ومسؤولين دوليين، بما يسهم في تعزيز موقع القضية السورية على جدول أعمال المجتمع الدولي، بما تتضمنه من اللقاءات الجانبية والمحادثات الرسمية.
كما أن التغطية الواسعة من وسائل الإعلام، تساعد على تسليط الضوء على القضية السورية وإبراز شخصياتها السياسية في سياق دولي، ما يكسب الحدث بعداً رمزياً إذ تمثل الزيارة نقطة فارقة في مسيرة العلاقات السورية ـ الدولية.
وتعزز تلك الخطوة أيضا من جهود كسر العزلة وإعادة فتح النقاشات حول مستقبل سوريا على مستوى عالمي، بعد الكوارث السياسية التي خلفها النظام البائد.
وينظر الكثير من السوريين إلى تلك الزيارة، والكلمة المرتقبة للشرع في مقر الأمم المتحدة كعلامة بارزة قد تبقى في ذاكرتهم لما تحمله من رمزية.