محمد ياسين نجار – كاتب وسياسي سوري
مع إغلاق باب الترشح لعضوية اللجان الفرعية لانتخابات مجلس الشعب اليوم، الاثنين 25 آب وفق التعميم الصادر عن اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نقف أمام منعطف حاسم ومسؤولية تاريخية تقع على عاتقنا جميعًا، وبشكل خاص على اللجنة العليا للانتخابات.
إن الدور المحوري للجنة العليا يتجاوز حدود الإشراف، ليصل إلى التدقيق العميق في الأسماء المرشحة والمصادقة عليها. فالاختيار الدقيق لشخصيات تتمتع بالنزاهة والكفاءة والمصداقية ومناصرتها للثورة السورية المباركة وأهدافها هو الضمانة الأولى لشفافية العملية الانتخابية برمتها، وأي تهاون في هذا الاختيار، أو رضوخ للمصالح الضيقة، لن يكون مجرد خطأ إجرائي، بل تهديدًا مباشرًا لمستقبل الدولة والمجتمع.
إن نزاهة ومهنية أعضاء اللجان الفرعية هي الركيزة الأساسية التي سيُبنى عليها مجلس شعب قوي، يعكس الإرادة الحقيقية للسوريين، ويتحول إلى أداة رقابة وتشريع فاعلة، قادرة على حماية المسار الديمقراطي وتحصينه من أي انحراف.
– إن اعتماد آلية الانتخاب غير المباشر، وإن كان حلًا استثنائيًا تفرضه الظروف الراهنة، يبقى اختبارًا حقيقيًا لا يقبل التأجيل أو التأويل:
– إما أن تكون هذه الانتخابات خطوة أولى جادة نحو بناء مؤسسات دولة قائمة على الجدارة والشفافية، تبعث برسالة أمل بأن الحرية والعدالة ودولة القانون ومكافحة الفساد أصبحت أولوية وطنية.
– أو تكون دليلًا آخر على أن الثورة السورية لم تحقق بعد أهدافها الكبرى في الحرية والعدالة، وأن الدولة غير جادة في الاستجابة لتطلعات شعبها.
إننا اليوم أمام اختبار بالغ الدقة، سترسم نتائجه الملامح الأولى لمستقبل الحياة السياسية في سورية: فإما أن تكون هذه العملية بداية لترسيخ الثقة في مؤسسات الدولة، أو تعيد إنتاج حالة الشك في جدوى كل التضحيات التي قدّمها السوريون.
مع ذلك، يبقى الأمل قائمًا بأن تكون هذه المرحلة مجرد خطوة انتقالية استثنائية، تمهّد الطريق لممارسة ديمقراطية أكثر نضجًا ورسوخًا في المستقبل.
إن طموحنا، وحقنا الطبيعي كسوريين، أن نشهد في المستقبل القريب، بعد أن تتعافى سورية وتستقر، انتخابات برلمانية حرة ومباشرة، تكون فيها صناديق الاقتراع هي الفيصل، وإرادة الشعب الحرة هي المرجع الأول والأخير.