أكّد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، وجود رغبة متبادلة بين سوريا وروسيا لفتح صفحة جديدة، وحرص دمشق على إيجاد علاقات دولية متوازنة.
وقال في تصريحات نشرتها الإخبارية السورية أمس الجمعة، إنّ “سوريا اليوم وللمرة الأولى لديها علاقات متوازنة مع الشرق والغرب”، مشيراً إلى أنّ “هناك دولا وجهات لا تريد استقرار سوريا ومنها إسرائيل”.
وأضاف: “لدينا تحديات كبيرة في القطاع الخدمي ولكن هناك فرصة كبيرة لأن تكون سوريا دولة قوية وتعود إلى محيطها العربي”، مؤكدا أنها “ترغب في طي صفحة الماضي”، مع روسيا.
وحول ما تريده دمشق من موسكو والعكس، قال الدكتور، محمود حمزة، المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، لموقع حلب اليوم، إن “زيارة الشيباني والوفد المرافق له فتحت صفحة جديدة في العلاقات الروسية السورية، خاصة بعد التحرير السوري وإسقاط نظام الأسد، فهذه أول زيارة من الجانب السوري رفيعة المستوى.. الحقيقة هي زيارة تاريخية لأنها جاءت نتيجة جهود ومساعي من الجانبين؛ الجانب السوري يريد تنويع العلاقات بين الشرق والغرب ويريد تحقيق مصالح الشعب السوري على أسس جديدة مبنية على احترام سيادة الدولة وعدم التدخل في الشأن الداخلي. والروس أيضًا يريدون الحفاظ على بعض مصالحهم في سوريا وفي الشرق الأوسط”‘.
وأضاف أن روسيا “مستعدة للتعاون مع الجانب السوري في عدة مجالات، ولهذا السبب سمعنا أنه تم أو سيتم تشكيل لجنتين، واحدة للتعاون الاقتصادي والتجاري والثانية للتعاون الأمني والعسكري، وهذه اللجان ستقوم بمراجعة كل الاتفاقيات التي نشأت بين البلدين لأن العديد منها كانت مجحفة بحق سوريا، فقد وقعت في عهد النظام الأسدي البائد”.
ويرى الدكتور حمزة أن “الزيارة بشكل عام كانت إيجابية وهناك رغبة متبادلة واضحة تمامًا لتصليح العلاقة وتطبيعها بين البلدين. وأكبر دليل على نجاح المباحثات هو أن الرئيس الروسي بوتين استقبل وزير الخارجية والدكتور ماهر الشرع والوفد المرافق، ولو كانت الزيارة غير ناجحة لما استقبلهم، وهذا الشيء مؤكد”.
أما عن مدى مصداقية الاتفاقات مع الروس، فيعتقد أنه “يمكن الوثوق بها لأن الجانب السوري يطرح الأمر بشكل جدي، فالعلاقات اليوم ليست علاقات تبعية وهي تعبر عن مصالح الشعب السوري، وقد أصبح له سياسة وطنية مستقلة تمامًا. وبالتالي، فأنا متأكد من أنه إذا حدثت اتفاقيات فسيتعامل معها الطرفان بمنتهى الجدية”.
وأكد الشيباني أنّ الحكومة تعترف بحقوق جميع الأقليات، منوّهاً إلى أنّه لا يوجد هناك تهميش لأي مكون في سوريا، وأن هناك تدخلات خارجية في هذا الملف.
وكان اوزير السوري قد اعرب عن أمله، في تصريح سابق، “بالاعتراف بجراح الشعب السوري ومعاناته”، داعيا روسيا للمساعدة في فتح صفحة جديدة وتحقيق العدالة الانتقالية، وهو ما اعتبره مراقبون تلميحا للمطالبة بتسليم بشار الأسد.
ويرى الدكتور حمزة أن “هذا التصريح يشير بوضوح إلى موضوع الأسد، فما علاقة روسيا بموضوع العدالة الانتقالية غير موضوع الذين هربوا إلى روسيا؟!”، لكنه أضاف أن “موضوع تسليم روسيا للأسد وكبار المجرمين معقد وشائك، لأن الرئيس الروسي عادة – من الناحية الشخصية – لا يقبل تسليم حلفائه حيث يُعتبر ذلك نوعًا من الخيانة والغدر بالحلفاء؛ هذا من جانب، وهناك جوانب أخرى، فأعتقد أن الأسد لديه معلومات وأسرار كبيرة، ولو سُلم للجانب السوري فقد تنتزع منه هذه المعلومات الخطيرة التي يمكن أن تضر حتى بروسيا، كما أن موسكو استقبلت الأسد والضباط المجرمين لأنهم جلبوا مليارات الدولارات إلى روسيا وأطنانًا من الذهب، وروسيا لها مصلحة في ذلك، كما أنها قد تستخدم الأسد مستقبلًا كورقة تساوم بها الحكومة السورية”.
وعلى كل حال – يضيف المحلل السياسي السوري – فإن “الموضوع هذا لا يبدو عائقًا أمام بناء علاقات اقتصادية وتجارية وحتى أمنية وعسكرية”.
وكان الشيباني قد وصل إلى موسكو، يوم الخميس 31 تموز، وعقد اجتماعا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، حيث أكد الأخير اتفاق بلاده مع سوريا على إعادة النظر في العلاقات الموقعة بين الجانبين.