حذّر الشيخ حمود الفرج، عضو مجلس العشائر السورية، من إمكانية التصادم مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بسبب حالة الاستعصاء السياسي في مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، جراء رفض الأخيرة الانخراط في الحل.
جاء ذلك عقب اجتماع قائد قسد، مظلوم عبدي، مع قادة عسكريين، ورؤساء المجالس المحلية، ووجهاء عشائر من محافظة دير الزور، أمس الأحد، لبحث إمكانية تسليم المحافظة للحكومة السورية.
وقالت تقارير إعلامية إن عبدي رفض خلال الاجتماع تسليم أي مناطق للحكومة أو حل الإدارة الذاتية، إلا ضمن شروط، وهو ما نفاه المتحدث الإعلامي في “قوات سوريا الديمقراطية”، فرهاد شامي، قائلا إن “تلك المزاعم كاذبة، ولا تمت للواقع بصلة، وتعكس نيات خبيثة تهدف إلى إثارة الفوضى”.
وحول ذلك، قال حسام نجار، المحلل السياسي السوري، لحلب اليوم، إن واشنطن “لطالما كانت تضغط على قسد و توجهها بشكل مستمر للعمل مع الإدارة السورية الجديدة و وجدنا هذا الأمر واضحاً فيي لقاء 10 مارس الماضي، و الجميع يعلم أن قسد لا تعمل منفردة و إنما بتوجيه و تحكم من أمريكا و الكيان الصهيوني، حتى الاجتماع الذي تم أمس مع المجالس المحلية و العشائر لا يخرج عن هذا الضغط ، و بتصريحات عديدة سواء لمظلوم عبدي أو فوزة اليوسف و المتناقضة بشكل مستمر يحاولون كسب الوقت حتى الانتهاء من موضوع السويداء و بناءً عليه يحددون الموقف الرئيسي، لذلك نرى هذا التلاعب و هذه المماطلة بتسليم السلاح و سيطرة حكومة دمشق على كامل المنطقة رغم وجود عناصر للأمن العام داخلها، لذك أقول إن السويداء هي الركيزة الأساسية لبناء دولة واحدة مستقرة ، و العشائر بعد تجمعها و وصولها للسويداء أصبحت لديها القدرة على الوقوف بوجه قسد و خاصة أن رأس الحربة في قوات قسد من العشائر لذلك تدرك قسد أن تسليم السلاح سلمياً هو الأفضل”.
وكان عبدي قد قال، أمس الأول، إن الإدارة الذاتية ستعقد لقاءات مع الحكومة السورية، بغية تسليم مؤسسات الدولة، بما فيها المؤسسات العسكرية، بدءاً من محافظة دير الزور، على أن تتبعها محافظتا الرقة والحسكة.
وقال الفرج، في تصريحات لجريدة “الشرق الأوسط”، أمس: “ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي، فستتجه الأمور إلى التصادم”، مؤكداً التزام العشائر بقرارات الدولة السورية، ومشيراً إلى عدم وجود رغبة لدى أي طرف في “توريط المنطقة بحرب عشوائية”، مشددا على عدم تكرار ما حصل في مناطق سورية أخرى في حال تأزم الاستعصاء.
وكشف عن أن الاجتماع الذي كان منتظراً عقده في باريس بين الحكومة السورية وقسد، وقيل إنه تأجل، قد أُلغي لأن دمشق لا ترغب في عقد الاجتماع بفرنسا، وسط “تحفظ من العشائر على دورها المنحاز إلى جانب قسد”، وذكرت مصادر للصحيفة أن الاجتماع، الذي كان مقرراً عقده في باريس، تأجل، متوقعة انعقاده لاحقاً، لكن ليس على مستوى القيادات، مؤكدة أن التأجيل جرى بطلب من التحالف الدولي الذي أبلغ قسد القرار رسمياً.
ويرى نجار أن هناك “داخل قسد خطان؛ خط واضح ظاهر للعيان يرفض الانضمام للدولة السورية و يجاهر بهذا الأمر و لكنه لا يملك القرار الأساسي داخل قسد و خط ثان بنى علاقاته على خطوط عديدة يحاول أن يلعب سياسة مع عسكرة و يتلاعب بالمواقف للوصول إلى ما يريد أو ما عليه الموقف النهائي و بنفس الوقف أمريكا تترك شعرة معاوية في تصريحاتها فتارة تقول انضمام قسد للدولة السورية ضروري للاستقرار و وحدة البلاد و تارة أخرى تقول إن قسد مهمتها القضاء على داعش و هذه أصبحت تنشط مرة جديدة و يجب إعطاء خصوصية لقسد ، من خلال هذا نجد قسد تتلاعب بالمواقف و تصريحات توماس باراك واضحة!.
وحول ما تملكه الحكومة السورية من مفاتيح للحل، قال الكاتب والمحلل السياسي السوري، إنها “تملك النفس الطويل الذي يمكنها من الاستمرار في نهجها و لديها أوراق فاعلة في هذا الأمر وجدنا بعضها في الساحل و كذلك في السويداء و ورقة العشائر هي إحدى أهم الأوراق فكما قلت إن رأس الحربة العسكري في قسد هم من القبائل ، كذلك الموقف التركي و جهوزية طيرانه ضد قسد ، كذلك الموقف الإقليمي و الدولي من موضوع قسد و الرغبة بمنطقة مستقرة لذلك الحكومة السورية غير مستعجلة تنتظر انتهاء ملف السويداء لتلتفت إلى قسد”.
وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، قد التقى مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو، والأميركي ماركو روبيو، في باريس، منذ يومين، لبحث الملف.
ووقعت مجموعات من المقيمين في منطقة الجزيرة العربية، على بيان إحاطة تم توجيهه للاجتماع، أكدت فيه أن الواقع الذي تعيشه منطقتهم لم يعد يحتمل التأجيل أو التجاهل، وأن قسد فرضت نفسها في المنطقة على أنها سلطة أمر واقع، وكرست الامتيازات لمكون واحد على حساب المكونات العربية والكردية والتركمانية والسريانية والأشورية والأرمنية، لافتين إلى أن “واقع الحريات لم يختلف كثيراً عما كان عليه في زمن النظام البائد… فمعتقلو الرأي كثر، والتعددية تُقمع، وكل من يعترض يتعرض للاعتقال والتهميش… والأخطر هو التوظيف المكشوف لورقة الأقليات واستخدامها أداة لتفكيك ما تبقى من نسيج وطني مشترك، تزامناً مع دعم جهات عسكرية خارجة عن القانون، سواء بالساحل وفي الجنوب السوري”.
ورفض بيان الإحاطة دمج قسد في مؤسسات الدولة مطالبا بحل الأجهزة الأمنية المرتبطة بالإدارة الذاتية، وإعادة جميع الموارد الوطنية والمؤسسات العامة للدولة، وإلغاء التجنيد القسري لأبناء المنطقة، ومنع اختطاف النساء تحت أي ذريعة، وتفكيك معسكرات التدريب التي تحتضن فلول النظام السابق، ومكافحة تجارة المخدرات، وضمان عودة آمنة للمهجرين قسراً لأسباب سياسية أو قومية.
وكان مدير إدارة الشؤون الأميركية بوزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، قد أكد في وقت سابق، عدم تسجيل أي تقدم بشأن تنفيذ الاتفاق الموقع في 10 آذار الماضي، بين الحكومة السورية وقسد، مشيرا إلى وجود تفاهم تام بين واشنطن والحكومة السورية في ملفات مختلفة، بما فيها ضرورة استكمال الخطوات التي من شأنها الحفاظ على وحدة سوريا.