نقلت صحيفة “إندبندنت عربية”، عن مصادر سورية وأميركية، أن الولايات المتحدة ستوقع قريبا اتفاقا مع دمشق، يمنحها وجودا عسكريا شرعيا في البلاد، مع تغيير خريطة الانتشار.
وكانت شبكة “فوكس نيوز” قد أعلنت سحب القوات الأميركية لما يقارب ربع قواتها الموجودة في سوريا خلال الأسابيع الماضية، وجرى إغلاق قاعدتين عسكريتين في محافظة دير الزور، وتسليم قاعدة ثالثة لقوات قسد.
وقالت الصحيفة إن السياسة الأميركية في سوريا تمر بمرحلة تحول جذري، من حال انتشار عسكري غير شرعي من منظور القانون السوري، إلى تفاهم سياسي – عسكري جديد مع الحكومة الجديدة في دمشق، حيث أن المستقبل القريب سيشهد ترسيما جديدا للوجود الأميركي في سوريا، يستند إلى اتفاق رسمي بين الطرفين، وتخل تدريجي عن مناطق النفوذ السابقة في الشمال الشرقي، في مقابل شراكة استراتيجية محدودة جغرافيا وموسعة سياسيا واقتصاديا.
وذكر “مصدر أمني سوري”، أن وفدا عسكريا أميركيا رفيع المستوى سيزور دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيوقع مع سوريا اتفاقا في شأن القواعد العسكرية الأميركية في البلاد، ليكون الوجود الأميركي في سوريا بذلك شرعيا بموافقة من الحكومة السورية.
وبحسب المصدر فإن “القوات الأميركية ستخلي جميع قواعدها في شمال شرقي سوريا، ولن يكون هناك في المستقبل أي وجود عسكري أميركي في دير الزور أو الرقة أو الحسكة، لكن ستكون هناك قاعدة كبيرة، وهي قاعدة التنف عند المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق”.
ويرى المصدر أن “الاتفاق إن جرى سيكون الأول من نوعه خلال العقود الماضية، بما يشكل تحولا جديدا في العلاقات السورية – الأميركية بعد لقاء الرئيسين دونالد ترمب وأحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض”.
من جانبه قال العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان إن “الولايات المتحدة تعمل بالفعل على تقليص عدد قواتها الموجودة في سوريا، فبعد نجاح التحالف الدولي في مهمته بمحاربة تنظيم الدولة، يمكن الآن سحب جزء كبير من القوات الأميركية من سوريا، أما الحكومة السورية الجديدة فنحن نعتقد أنها من الممكن أن تكون صديقة لحكومة الولايات المتحدة، أنا زرت سوريا قبل أسابيع، ومهمتي هي نقل ما رأيته في سوريا إلى مواطني الولايات المتحدة”.
ويضيف ستوتزمان أن “الرئيس ترمب التقى بالرئيس الشرع، وأعلن رفع العقوبات عن سوريا، وهذه فرصة حقيقية لإعادة بناء البلاد بعد عقود من الديكتاتورية، ونحن نقدم كل الدعم للحكومة السورية الجديدة وللشعب السوري، ونعمل في الكونغرس حاليا على إلغاء قانون قيصر بصورة رسمية”.
بدوره اعتبر المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية مايكل ميتشل، أن “الولايات المتحدة تريد أن تبدأ عصرا جديدا في العلاقات مع سوريا، هذا العصر سيكون مبنيا بصورة أساسية على التعاون بين البلدين والشراكة بينهما، أما في ما يتعلق بالانسحاب من سوريا فإن الانسحاب الجزئي بدأ بالفعل، لكن الحديث عن انسحاب كامل سابق لآوانه، الجيش الأميركي حقق إنجازات كبيرة جداً في سوريا في مجال مكافحة الإرهاب، لكن الجهات التي تريد انجرار سوريا نحو الفوضى والطائفية لا تزال موجودة، ولدى واشنطن قلق من إمكان عودة تنظيم الدولة، لهذا لن يكون هناك انسحاب كامل في الوقت الحالي”.
ويعود بقاء القوات الأميركية في قاعدة التنف لسببين رئيسين: الأول “مواصلة مهمة محاربة تنظيم الدولة”، والثاني “مراقبة حركة الميليشيات الموالية لإيران، وقطع خط الإمداد البري الذي قد تستخدمه طهران لتهريب الأسلحة إلى الجماعات الموالية لها، أو التي قد تهدد إسرائيل”، و”هذا الاتفاق – إن جرى فعلا – لا يمثل فقط ترتيبا عسكريا، بل يعد تحولا جذريا في فلسفة الوجود الأميركي في سوريا من الردع العسكري إلى الشراكة الأمنية والسياسية والاقتصادية”.
ويرى محللون أن سياسة إدارة ترمب تهدف إلى خفض الكلفة العسكرية، وإعادة توزيع الموارد، وهو أيضا من جملة أسباب التغير الحاصل.