أكد مسؤول سوري أن دمشق بصدد طباعة عملة جديدة، حيث تلقى المصرف المركزي عروضاً من شركات تنتمي إلى عدة دول عربية وأجنبية، فيما تعاني البلاد أزمة اقتصادية حادة.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية لصحيفة “اندبندنت عربية “، في تقرير نشرته أمس الأحد، إنهم تلقوا عروضاً من شركات من تسع دول عربية وأجنبية لطباعة العملة الجديدة من بينها بريطانيا والولايات المتحدة والنمسا وأيضاً الإمارات وألمانيا.
وأوضح أن “شركات من هذه الدول تواصلت مع المركزي السوري، والعروض قيد الدراسة وسيتم اختيار العرض الأفضل فنياً وكلفةً”، مؤكداً أن الموضوع لا يزال في طور الدراسة ويحتاج إلى تهيئة الظروف المواتية”، قائلاً “نعمل على تحقيقها حالياً”.
وأضاف: “نعمل على جعل الليرة السورية قابلة للتحويل”، معرباً عن طموحه بأن يكون هناك تصنيف سيادي لسوريا بعد حقبة سيئة جداً، خصوصاً في الأعوام الأخيرة من الحكم البائد، وموضحاً رؤيته لتنظيم العلاقة وضبطها مع وزارة المالية ضمن مبدأ الاستقلالية لعمل البنك المركزي.
من جانبه أكد مصرف سوريا المركزي، في بيان نشره أمس، الاستمرار في طباعة كميات من الأوراق النقدية لدى الشركة الروسية المتعاقد معها سابقاً، لكنه لم ينف خيار تغيير العملة الوطنية أو طرح إصدار جديد بالكامل، حيث لا يزال ذلك قيد الدراسة.
وأوضح البيان أن الحكومة السورية تستكمل الطباعة لدى الشركة الروسية حاليا، في إطار خطط المصرف الرامية إلى تأمين احتياجات السوق من العملة الوطنية، وذلك “وفق المعايير المعتمدة، وبموجب اتفاقيات رسمية تضمن جودة الطباعة وسلامة الإجراءات المتّبعة”.
وأوضح أن موضوع صباعة العملة الجديدة يخضع لتقييمات دقيقة تشمل الجوانب الاقتصادية والفنية، و”لن يُتخذ أي قرار بهذا الشأن قبل استكمال الدراسات المطلوبة وإجراءات إصدار القرارات اللازمة”.
وبالعودة لتصريحات حصرية فقد أشار إلى أن المركزي السوري بدأ فعلياً العمل على إعادة تفعيل نظام “سويفت” العالمي الخاص بالتحويلات المالية الدولية، بعد أعوام من العزلة التي فرضتها العقوبات، لافتاً إلى أن من شأن هذا الإجراء أن يشكل نقطة انطلاق لتسهيل عمليات التجارة الخارجية وبخاصة لجهة تشجيع الصادرات، وخفض أسعار الواردات، مما سيؤثر في حركة الأسواق الداخلية ويحسن من القدرة الشرائية للمواطنين.
وحول التصميم الجديد قال “متخصصون مصرفيون” إنه من الطبيعي أن تتلقى سوريا هذا العدد الكبير من العروض لطباعة العملة الجديدة، وأن تكون هناك منافسة للفوز بتلك الصفقة التي تكلف عشرات الملايين من الدولارات، وكون سوريا اليوم بلداً منفتحاً والمنافسة فيه مشروعة كما أنها تشكل فرصة استثمارية سخية ومغرية مما يجعلها قبلة الشركات التي تبحث عن استثمار وعقود وصفقات وتصريف لمنتجاتها وتقديم خدماتها.
وأضاف المصدر أن “سوريا تأخرت كثيراً عن التطور الحاصل في العالم وبخاصة في المجال التقني والتكنولوجي، وتعد بكراً للاستثمار وتحظى باهتمام عالمي حالياً على المستويات كافة”، كما أن “التوجه نحو طباعة عملة جديدة في سوريا يحتاج إلى توفر جملة من العوامل أهمها إرساء أسس اقتصادية صحيحة، خصوصاً أن سوريا في طريق التحرر من عقوبات كبلتها لأكثر من 46 عاماً وتنتقل من اقتصاد موجه ومشوه إلى اقتصاد سوق حرة تنافسية”.
وتعاني البلاد تضخماً وانخفاضاً في القيمة الشرائية كما أن طباعة النقود ترتبط بحجم الاقتصاد وإعادة بناء الإنتاج والاحتياطي من القطع والذهب للمحافظة على الاقتصاد، وفقًا للمصدر نفسه.
وأوضح أن أن تبديل العملة السورية “ليس حلاً سحرياً”، بل جزء من عملية إصلاح شاملة تتطلب إصلاحاً سياسياً واقتصادياً لاستعادة الاستقرار، من خلال آليات حماية متعددة الطبقات لمنع اختراق الأموال غير المشروعة، بغياب هذه العوامل قد يتكرر سيناريو زيمبابوي وفنزويلا، مما يفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
كما نقلت الجريدة عن “مصدر مصرفي” أن الحكومة “تخطط لطباعة عملة قوية، لذلك لا بد من تهيئة الظروف المناسبة للانتقال إلى استخدام عملة جديدة”، مؤكداً أن “العملة بصورتها الحالية لن تبقى وسنشهد ولادة عملة جديدة بتصميم جديد وقد يأخذ الأمر بعض الوقت فنحن نريد أن تكون العملة السورية الجديدة قابلة للتحويل على أن الطموح هو جعل الليرة السورية قابلة للتداول في الأسواق المالية”.
الدفع الإلكتروني والعملات المشفرة
من جانبه قال حاكم مصرف سوريا السابق والمتخصص المصرفي دريد درغام إن طباعة عملة جديدة في سوريا عملية ضرورية بل أولوية، ولكن نجاحها مرتبط بوجود خطة اقتصادية واضحة وموارد كافية واستقرار عموماً، مشيراً إلى أن كلفة الطباعة لكل ورقة تراوح ما بين ثمانية و20 سنتاً بحسب درجة تعقيد وأمان الأوراق المطبوعة.
ولفت إلى أهمية دراسة الفئات المطروحة بعناية في نطاق متطلبات التعاملات التجارية والأهم وضع خطة سحب العملة، وألا يُعرض الناس لطوابير التبديل، وأخيراً لا بد من اختيار توقيت التبديل ومدته بصورة مدروسة جداً.
كما أكد ضرورة وجود تصور متكامل لبنية الدفع الإلكتروني القادمة بما فيها تشريعات المصارف الرقمية وشركات المحافظ الإلكترونية وضمان التناغم فيما بينها بحيث لا نكرر التقدم التقني الذي شهدته بعض الدول من دون وجود التناغم المطلوب بين وسائط الدفع المعتمدة بين مختلف المصارف المعنية أو من دون تعميم الدفع الإلكتروني عليها جميعاً، مؤكداً ايضًا ضرورة وجود رؤية مقبولة لدرجة انخراط سوريا في منصات العملات المشفرة وكيفية الاستفادة منها بما يخدم أولويات البلاد.
وكانت الليرة السورية قد فقدت أكثر من 95 في المئة من قيمتها منذ عام 2011، مما أدى إلى تضخم مفرط، وتراجع الثقة بالعملة المحلية، وانتشار الاقتصاد الموازي إلى جانب معاناة 90 في المئة من السوريين الفقر وارتفاع معدلات البطالة بحسب تقارير أممية.