وسط ضعف قدرة الأهالي وإمكاناتهم في مقابل حجم الدمار الهائل، والغموض الذي يحيط بملف إعادة الإعمار، تتواصل جهود النازحين في العودة التدريجية والخجولة لقراهم ومدنهم المدمرة بريف إدلب.
وتعرضت المنطقة مع أجزاء واسعة من ريفي حماة وحلب، للدمار الكبير بين عامي 2019 و 2020، جراء القصف الروسي الذي وقع خلال اجتياح الشمال الغربي، بدعم من الميليشيات الإيرانية.
وبلغ عدد المهجرين نحو الشمال الغربي، نحو 3 ملايين نسمة، وذلك حتى تاريخ سقوط الأسد، معظمهم من أرياف إدلب وحماة، بالإضافة للمهجرين من عموم البلاد، ولم يستطع اغلبهم العودة لمنازلهم وبيوتهم، حتى اليوم، بسبب تدميرها.
وأفاد مراسل حلب اليوم بأن الحياة تعود بشكل تدريجي لريف إدلب، لكن معظم الأحياء في القرى والمدن لا تزال خالية، بينما يعمل السكان على إصلاح منازلهم ومحالهم قدر المستطاع، مع ارتفاع كبير في أسعار المواد.
وأضاف أن القرى الصغيرة، خاصة في الريف الشرقي، تشهد وضعا أفضل لناحية عودة مظاهر الحياة، بسبب طبيعة المعيشة البسيطة في تلك المناطق التي يغلب عليها الطابع البدوي، حيث يعتاش السكان على تربية المواشي ويستطيعون السكن في الخيام بجانب البيوت المدمرة، كما أن كلفة إصلاحها أقل نظرا لكونها بسيطة التكوين.
يقول “عادل .ح” من سكان مدينة سراقب إنه لا يتوقع أنه سيستطيع إصلاح بيته بما يتوفر لديه، في المدى المنظور، لذا آثر التريث آملا في الحصول على دعم ما من قبل بعض المنظمات أو انطلاق عملية إعادة الإعمار.
ويدرك الرجل أن هذا الأمر سيأخذ وقتا طويلا، إن حدث، لذا فقد استصلح غرفتين فقط من بيته مع الحمام، بشكل طارئ، عبر تركيب أبواب مستعملة، وتمديد وصلات خارجية مؤقتة للماء والكهرباء، كما افتتح “بسطة” في السوق بما يتيسر لديه، معربا عن رجائه بأن تتحسن الأوضاع قريبا.
وخلال أعوام خلت، اضطر عادل لصرف ما بحوزته من مال نتيجة النزوح، وأعباء الإيجار وتكاليف المعيشة المرتفعة مع قلة فرص العمل.
واليوم يجد الرجل الخمسيني نفسه في وضع صعب ماديا، إلا أنه سعيد للعودة إلى منزله، فيما يرى الحياة تدب بشكل تدريجي في شوارع المدينة.
وقال عامل في المجال الإنساني ومطلع على الأوضاع – فضل عدم الكشف عن اسمه – لحلب اليوم، إن حلم النازحين بالعودة لمناطقهم وقراهم، لا يزال بعيد المنال إلى حد ما، بالرغم من معاناتهم في النزوح.
وحول إمكانية تقديم الدعم للسكان حتى يتمكنوا من إعادة إعمار منازلهم فقد ذكر أن هذا بحاجة لجهود دولية وحكومية، وتكاتف من عدة دول للمساعدة في إنجاز هذا الموضوع، لأن الشعب لا يستطيع بقدراته المحلية إعادة الإعمار بسبب الكلفة العالية، “فنحن نتكلم عن بلد كامل شبه مدمر سواء في ريف حلب أو في ريف إدلب أو ريف حمص.. ريف حماة.. ريف دمشق.. ونصف مدينة حلب في أحياءها الشرقية مدمرة أيضا”.
ويبلغ عدد سكان الشمال السوري، في كل من إدلب وريف حلب أكثر من 6 ملايين نسمة، بحسب آخر إحصائية نشرها فريق منسقو استجابة سوريا، مع تناقص جهود الإغاثة الإنسانية وتراجع مستويات الدخل، ويشكل النازحون ما يقرب من 50 بالمائة، من مجمل السكان، وتزيد معدلات العوز والبطالة في صفوفهم عن السكان الأصليين.
ويقول مراقبون إن ملف إعادة الإعمار لا يزال غير واضح، لأنه من المبكر الوصول إلى مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة، والحصول على الاعتراف الدولي بها، وغير ذلك من الترتيبات.