مع تحرر السوريين من نظام الأسد انخفضت أسعار السيارات والآليات بشكل عام، بنسبة كبيرة جدا، وذلك لزوال الرسوم التي كان يفرضها النظام على استيراد السيارات والآليات بكافة أشكالها، والتي كانت ترفع قيمتها لنحو ثلاثة أضعاف ثمنها الأصلي.
ومع بقاء الشمال الغربي محررا من سطوة النظام البائد، استورد السوريون على مدى سنوات فاتت السيارات بشكل حر، بعيدا عن الرسوم الباهظة، وذلك عبر الموانئ والأراضي التركية، مما مكن السوريين من استعمال سيارات حديثة، وذات جودة عالية على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات الفقر وقلة الفرص العمل في المنطقة.
وقد اعتاد السوريون على استخدام سيارات ذات جودة منخفضة، وبموديلات قديمة، رغم دفعهم لأسعار كبيرة، بسبب تلكَ الرسومَ الباهظة، التي كان يفرضها النظام المخلوع على الاستيراد، فضلا عن رسوم التسجيل وتجديد الرخصة السنوية.
وفور بدء تحرير المدن السورية اتجه العديد من أبناء تلك المدن وخاصة حلب القريبة من إدلب إلى منطقة سرمدا والدانا قرب الحدود التركية، حيث كانت موطنا لأعداد كبيرة من السيارات الفارهة واستطاع السوريون لأول مرة شراء آليات حديثة وبأسعار منخفضة نسبيا.
يقول “محمود .ج” وهو صاحب مكتب لتجارة السيارات في إدلب، لحلب اليوم، إن إقبال السوريين من محافظة حلب وغيرها على المنطقة فور التحرر، من أجل شراء السيارات، أدى إلى ارتفاعها بنسب كبيرة وصلت إلى 60 – 70 بالمائة، وذلك بسبب زيادة الطلب، حيث باتت منطقة الشمال الغربي مفتوحة على كامل البلاد مع وجود عطش كبير في السوق، بسبب الأنظمة والقوانين البالية التي كان يفرضها نظام الأسد، لكنه يرجح أن هذا الارتفاع الحالي في الأسعار مؤقت ويتجه في الغالب نحو الانخفاض.
ويرجح أن تعود الأسعار إلى سابق عهدها مع استيراد التجار لمزيد من السيارات التي تكفي حاجة السوق، وأيضا يلفت إلى أهمية عودة عمل الموانئ السورية، حيث أن اضطرار التجار لاستيراد تلك السيارات عبر أراضي الدول المجاورة وأبرزها تركيا يرفع من تكاليف الشحن، ويرجح أن تنخفض أسعار السيارات بشكل كبير قد يزيد عن الألف دولار للسيارة الواحدة، في حال تم الاستيراد عبر الموانئ السورية.
يقول الحاج أبو وليد من حلب إنه دفع في السابق مبلغا كبيرا جناه على مدى سنوات متواصلة من العمل من أجل شراء مجرد “بيك آب” صغير، مع العلم بأن ثمنه قبل الدخول إلى الأراضي السورية يعادل ثلث الثمن الذي اشتراه به، ولكن الرسوم الكبيرة التي كانت تفرضها سلطة الأسد تضطر السوريين لدفع تلك الأثمان الباهظة، حيث أن أنه لم يكن بمقدوره شراء سيارة “تكسي” بأربعة أبواب، لأن ذلك أمر صعب ومحصور بفئة قليلة من السوريين.
واليوم بمجرد سقوط النظام المخلوع وفرار الأسد بادر الحاج إلى الذهاب لمنطقة باب الهوى حيث رأى كمية كبيرة جدا من السيارات الحديثة الألمانية واليابانية والكورية ذات الجودة العالية، واستطاع شراء سيارة يقول إنه لم يكن يحلم أن يملك مثلها يوما من الأيام في سوريا، وذلك على الرغم من تراجع قدرته المادية إلى حد بعيد جدا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الحرب التي شنها الأسد على السوريين وقلة فرص العمل وارتفاع معدلات الفقر.
ويضيف الرجل الستيني أن النظام لم يكن فقط يحرم الناس من ركوب السيارات الجيدة، بل كان يلاحق حتى من يلجأ منهم لاستعمال الدراجات النارية، بحجة عدم التسجيل ودفع الرسوم، حيث تتم مصادرة تلك الدراجات بشكل متواصل، والاستيلاء عليها، بحجة التخلص منها، لكنها في الغالب ما كانت تُسرق من قبل الدوريات والضباط المسؤولين، لذا فإن السوريون مضطرين لشراء الدراجات مجددا.
وبسبب الرسوم الباهظة التي كانت تفرضها سلطة الأسد، فإن تلك الدرجات كانت تدخل عبر “التهريب” ولكن ذلك “التهريب” كان يتم تحت نظر الضباط وكبار المسؤولين المرتبطين بسلطة الأسد، حيث يأخذون الإتاوات مقابل غض النظر عن دخولها للبلاد، حتى يستطيع السوريون شراءها، إلا أن النظام البائد لم يكتف بذلك حيث كان يبادر إلى ملاحقة الناس والاستيلاء على درجاتهم النارية.
يتساءل أبو وليد كم حرم نظام البائد السوريين من الراحة والفرص والرفاهية والخيرات بدون أي أسباب أو مبررات، فقد كان بالإمكان بناء اقتصاد جيد، وتأمين معيشة جيدة للسوريين، عوضا عن أن يضطروا لعيش كل تلك المعاناة بدون أية أسباب مقنعة.
ويبقى الأمل لدى السوريين اليوم في تحسن كافة جوانب المعيشة؛ من الأوضاع الإدارية إلى ضبط الفساد والرشاوى، وإعادة التنظيم وتحسين كافة القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الاقتصادي فضلا عن الحريات وإنهاء الاعتقال والملاحقات السياسية.