في ظل العمليات العسكرية الأخيرة التي نفذتها غرفة عمليات “فجر الحرية” في مدينة منبج وريفها، والتي تهدف إلى تطهير المنطقة من “قسد” وضمان عودة الأمن والاستقرار، برزت تحديات تتعلق بحماية المدنيين وضمان حقوقهم من الانتهاكات، وبينما تؤكد قيادات الجيش الوطني التزامها بمحاسبة أي تجاوزات فردية، وضمان أمن السكان المحليين، يبقى العمل مستمراً لتحقيق توازن بين الأهداف العسكرية وحماية النسيج الاجتماعي في المنطقة.
في حديث خاص مع حلب اليوم صرّح قيادي في الجيش الوطني وغرفة عمليات “فجر الحرية” الملقب بـ أبو عامر ساجدون، حول أهدافهم في مدينة منبج، ووضعها الحالي: “الوضع العسكري الحالي في مدينة منبج مستقر في أغلب المدينة وريفها ما عدا بعض البؤر المحصورة التي يتحصن بها العدو”قسد” في الأنفاق حول سد تشرين، ويتم العمل الآن عليها وتضييق الخناق أكثر فأكثر، وأهداف الحملة العسكرية التي قادتها غرفة عمليات “فجر الحرية” في منبج هي تطهيرها من الإرهاب وتخليص أهلها من ظلم هذه الأحزاب الانفصالية لأننا نريد سوريا موحدة، وليست حصصاً يتقاسمها الإرهاب والهدف العام للجيش الوطني هو تطهير الأراضي السورية من عصابات ال BKK والـ YPG الإرهابية، و تم تحقيق هذه الأهداف بنسبة عالية جدا، وتم تطهير منبج وريفها من الأحزاب الانفصالية الإرهابية وبقي بعض فلولهم المختبئة ويتم العمل على تقديمهم للعدالة”.
وفي سؤاله عن التقارير الحقوقية التي تحدثت عن انتهاكات شملت الإعدامات الميدانية ونهب الممتلكات وعمليات قتل على الهوية قامت بها بعض الفصائل ضمن عملية فجر الحرية، إلا أن القيادي نفى صحة هذه الادعاءات، مشيراً إلى أنها “اتهامات عرقية باطلة” تهدف إلى تشويه صورة الجيش الوطني”، وأضاف أن بعض التجاوزات الفردية حصلت، لكنها خضعت للمساءلة، حيث عُيِّن قاضٍ عسكري في منبج لمتابعة القضايا ومحاسبة المتورطين، “أما أسرى الحرب لا يوجد صحة للإعدامات الميدانية، وتم تقديم جميع الأسرى للعدالة والقضاء”.
كما أوضح القيادي أن الجيش الوطني يعمل على ضمان حماية المدنيين من خلال توجيه تعليمات صارمة للمقاتلين بعدم التعرض للسكان أو ممتلكاتهم، مع نشر حواجز أمنية خلف خطوط الاشتباك لمتابعة حسن سير العمليات.
مع استقرار الأوضاع العسكرية نسبياً، أشار القيادي إلى تسليم أغلب المؤسسات المدنية والإدارية لمجالسها المحلية، بما في ذلك صوامع الحبوب، كما أكد وجود تنسيق مع المنظمات الإنسانية لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية، وأن هناك محاولات لضمان سلامة البنية التحتية مثل سد تشرين، رغم “عرقلة الأحزاب الكردية المسلحة” لعمليات الصيانة، وفيما يتعلق بالتعامل مع السكان المحليين، أوضح القيادي أن هناك لقاءات دورية تُعقد مع مشايخ ووجهاء المدينة لتجاوز الأخطاء وبناء الثقة، مشدداً على أن الجيش الوطني يتعامل مع الجميع “كسوريين دون تفرقة عرقية أو طائفية”.
شدّد “أبو عامر” على أن الجيش الوطني يتعاون مع الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لضمان احترام المعايير الدولية، ويخضع مقاتلوه لدورات توعية حول هذه القضايا بالتعاون مع منظمات مثل “نداء جنيف”، كما أشار إلى تعاون الجيش الوطني مع المنظمات الحقوقية.
وأكد أنهم يتخذون الإجراءات لبناء الثقة مع السكان المحليين وضمان أمنهم عند وجود أي مظلمة بحيث يتم التعاون مع الأهالي وإنصافهم عن طريق القضاء وتسليم المخطئين، “عندنا مؤسسة قضاء متكاملة يتم فيها محاسبة المسيئين العسكريين وأي خطأ يقع يتم تسليم المتورطين للقضاء”، مؤكدا أنه “بمحاسبة من أساء اليوم تضمن أن لا يسيء أحد غداً”
اختتم “أبو عامر” حديثه برسالة موجهة لأهالي منبج، قال فيها: “أنتم أهلنا وسنعمل على تأمينكم وتوفير الأمان لكم، جئنا لتخليصكم من ظلم الإرهاب، وسنبذل كل جهدنا لإعادة الاستقرار لمدينتكم”.
تعيش منبج مرحلة انتقالية دقيقة بعد العمليات العسكرية، حيث تواجه تحديات تتعلق بإعادة الأمن والاستقرار، ومعالجة الانتهاكات التي أثرت على المدنيين وممتلكاتهم، ويبقى ضمان حماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات، والعمل على إعادة إعمار المدينة وإدارة شؤونها بفعالية، الخطوة الأهم لتمكين أهالي منبج من استعادة حياتهم الطبيعية.