رابطة إعلاميي سوريا تُعلن عن تأسيسها من خلال بيان نشرته على الصفحات الرسمية الاتحادات الإعلامية السابقة في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة العمل الإعلامي، بعد سنوات من العمل في ظروف استثنائية فرضتها الثورة والتغيّرات التي شهدتها سوريا، وبذلك جاء قرار حل عدد من الكيانات الإعلامية المستقلة التي كانت ناشطة منذ سنوات الثورة، وشمل قرار الحل كلاً من (اتحاد إعلاميي حلب وريفها _ اتحاد الإعلاميين السوريين _ رابطة الإعلاميين السوريين _ شبكة الإعلاميين السوريين _ وعدد من الإعلاميين المستقلين) ليجتمعوا تحت مظلة واحدة.
في حديث خاص “لحلب اليوم” مع عبد القادر حج عثمان رئيس اتحاد الإعلاميين السوريين حول سبب حلّ الاتحاد، قال : “لم يعد الحيز الجغرافي المؤطر فصائلياً يسيطر على سوريا حالياً، المعوقات في النفوذ كانت هي الدافع وراء وجود عدة أجسام إعلامية موزعة على المناطق”، مضيفاً أن تأثير تأسيس رابطة إعلامية موحدة سيدفع تجاه تعزيز الحقوق والحرّيات الصحفية، من خلال الدفع بعدد كبير من الإعلاميين خلف رؤية وأهداف واضحة ومحددة تساعد على رسم السياسة الإعلامية في سوريا.
مؤكداً أن الدور الأساسي الذي ستلعبه رابطة إعلاميي سوريا في مرحلة ما بعد سقوط النظام هو الدفاع عن حقوق الصحفيين، وتسهيل أمورهم، والسعي لرسم الحريات والحقوق على شكل قوانين، والسعي للدفع بإقرار جميع الرؤى الإعلامية على شكل مواد مكتوبة في الدستور السوري القادم.
وأوضح: “أبرز الملفات التي ستركّز عليها الرابطة في المرحلة القادمة هي العمل على وجود هيكلية إعلامية مرنة تدير العمل الإعلامي في سوريا، والحد من سلطة وزارة الإعلام، والانفتاح على الصحافة العربية بشكل خاص، والعالمية بشكل عام، وستعمل الرابطة على إيجاد بطاقات أو مهمات عمل تتيح للصحفيين السوريين ممارسة أعمالهم بدون التعرض لأي مشاكل ناتجة عن الهوية، وأضاف “على المستوى القريب؛ نسعى لتكون بيئة آمنة لعمل الصحفيين، وسهلة في التواصل مع الداخل والخارج من ناحية توفر الإنترنت والخدمات اللوجستية، وعلى المستوى البعيد؛ نأمل أن يكون الصحفيون والإعلاميون السوريون جزءاً من إدارة المؤسسات الإعلامية الرسمية، لتكون الرسائل الإعلامية الصادرة عن الحكومة متنوعة وشاملة وغير متحيزة، ولتأخذ مصداقية أكبر لدى مختلف السوريين”.
وأشار حج عثمان إلى أن الرابطة ليست منصة إعلامية تنتج الأخبار، هي جسم يتيح للأعضاء تنوع التوجهات والآراء، ويساعدهم بممارسة العمل الإعلامي بحرية ودون ضغوط، ويحاسب بحال مخالفة الصحفي لقوانين الإعلام، وهذا كفيل بتوفير المجال لدى الصحفي لينتج رسائل إعلامية ذات مصداقية، وأن لا تبنى تلك الرسائل على تحيز فئوي أو مناطقي واضح.
وعن سؤاله إذا ما كان هناك خطة لتنظيم دورات تدريبية وبرامج تطويرية للإعلاميين السوريين، أجاب: ” حاليا نحن بصدد انتخاب المكتب التنفيذي للرابطة خلال أيام، المكتب التنفيذي سيقدم خطة شاملة في هذه المرحلة التأسيسية، يضع من خلالها تصورات أولية للاحتياجات والمهام العاجلة، وسنسعى للاستفادة طبعاً من المؤسسات الحكومية بتدريب وتأهيل الصحفيين، كونها ملكاً لجميع السوريين، مع مراعاة الأعراف والقوانين الناظمة لذلك، وبالتعاون مع الحكومة الانتقالية”، وبيّن أن هذا الجسم يتسع للجميع، وهو غير مؤطّر جغرافياً ولا سياسياً، ويمكن لجميع الصحفيين والإعلاميين السوريين الذين يؤمنون بالحرية والعدالة ولا يحرضون على الفتن أو يدعمون قتلة الشعب السوري ومرتكبي الجرائم من النظام المخلوع أن يكونوا جزءاً من الرابطة.
يُذكر أن اتحاد الإعلاميين السوريين تأسس عام 2018، وضم نخبة من الإعلاميين الذين عملوا على توثيق الانتهاكات الميدانية، وعملوا على نقل الوضع السوري إلى العالم، وكان للاتحاد دور هام في دعم الإعلاميين خاصةً في ظل المخاطر التي كانت تحيط بالعمل الإعلامي.
في بيانها التأسيسي، أكدت الرابطة أن هذه الخطوة تأتي استجابة لمتطلبات المرحلة الجديدة بعد سقوط نظام الأسد، وضرورة إعلاء الكلمة الحرة والصوت الإعلامي الموحد في بناء سوريا المستقبل، وأشار البيان إلى أن هذا التأسيس هو نتاج سنوات طويلة من التضحيات والمواجهات التي قدّم فيها الإعلاميون السوريون جهودهم لنقل الحقيقة رغم المخاطر.
وأوضح البيان أن الرابطة تعتبر تتويجاً للعمل الإعلامي السوري الحر الذي ظلّ حاضرا طوال 13 عاماً، حيث كان له دور محوري في نقل معاناة الشعب السوري ومقاومته للاستبداد، وشددت الرابطة على التزامها بمعايير الصحافة المهنية وأخلاقياتها، وتعهدت بالعمل بمسؤولية تامة لنقل الواقع السوري بكل شفافية ومهنية وأخلاق.
وفي سياق متّصل عبّرت حسناء عيسى إحدى المنتسبات إلى اتحاد الإعلاميين السوريين، عن رأيها في حلّ الاتحاد ودمجه ضمن رابطة إعلاميي سوريا: “ما رح نقدر نستمر إلا بأن نكون ضمن جسم واحد، لأنه وبتحرر سوريا تفرقنا وانتشرنا بعد ما كنا ضمن منطقة جغرافية صغيرة، وتوحدنا شيء إيجابي وهذا الأفضل بحيث منكون أقوى ومؤثرين بشكل أكبر”
إعلان تأسيس رابطة إعلاميي سوريا يأتي في توقيت حاسم، حيث باتت البلاد تحتاج إلى إعلام حر ومسؤول يواكب المرحلة الجديدة، ويسلط الضوء على احتياجات الإعلاميين وتحدياتهم، نجاح الرابطة سيعتمد على قدرتها في توحيد جهود الإعلاميين وتقديم نموذج جديد للإعلام السوري الذي يتطلع إلى أن يكون صوتاً حقيقياً لبناء سوريا المستقبل.