مع بداية موسم الزراعة في شمال شرق سوريا، يبدأ المزارعون بتحضير أراضيهم، أملاً في تحقيق إنتاج وفير يعزز الاقتصاد المحلي، ويؤمن احتياجات المجتمع، في منطقة تعتمد بشكل كبير على الزراعة، ويلعب الموسم الزراعي دورا حيويا في تأمين الحبوب والمنتجات الزراعية التي تعد أساسية في حياتهم اليومية.
بحسب مراسلة حلب اليوم في الحسكة، فإنه ومع حلول شهر تشرين الأول، يبدأ المزارعون في مناطق مثل تل حميس وريفها في استئناف عمليات حراثة الأرض تمهيداً للزراعة.
وأوضحت أن هذا العمل هدفه تحسين التربة من خلال تفكيكها، ما يسمح بتغلغل مياه الأمطار فيها وتخزينها، بالإضافة إلى ذلك، يساعد الحرث على إخراج الحشرات واليرقات إلى سطح الأرض، حيث يتعرضون للهواء والعوامل البيئية التي تساعد على القضاء عليهم، كما يساهم حرث الأرض في طمر بذور الموسم السابق، ما يساعد في تغذية التربة وزيادة خصوبتها.
وفق المهندس الزراعي “محمد.ت” فإن عملية الحرث تساعد على كسر الطبقات الصلبة التي تعزل التربة عن الهواء والماء، مما يتيح للماء والعناصر الغذائية اختراق التربة بشكل أفضل، كما تساعد على تهوية التربة، ما يعزز تحلل المواد العضوية، ويمهد الطريق لتبادل الغازات بين الجذور والتربة، إضافة إلى ذلك، يتم القضاء على الحشائش غير المرغوب فيها، التي تستهلك الموارد الغذائية والمائية المخصصة للمحاصيل الأساسية.
التحديات التي تواجه المزارعين
وأكّد المهندس الزراعي “محمد” في حديثه لحلب اليوم، أن المزارعين يواجهون مع بدء كل موسم تحديات متعددة، أبرزها التغيرات المناخية التي تؤثر على نحو مباشر على المحاصيل، إذ يضرب الجفاف المنطقة في بعض السنوات ما يشكل تهديداً كبيراً على الإنتاج الزراعي، كما أن الفيضانات المفاجئة قد تؤدي إلى تدمير المحاصيل.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح أن المزارعين يواجهون من نقص في الموارد الأساسية مثل الأسمدة والمياه، ما يعيق قدرتهم على تنفيذ خططهم الزراعية بشكل فعال.
بدوره، أشار “فارس الحسن”، وهو مزارع من مدينة عامودا، إلى أن التغيرات المناخية تسببت في تدهور جودة المحاصيل في السنوات الأخيرة.
وقال لحلب اليوم: “كل عام نواجه تحديات جديدة بسبب الجفاف والفيضانات، ورغم جهودنا، فإن هذه العوامل الطبيعية تقلل من قدرة الأرض على الإنتاج كما في السابق”.
ارتفاع تكاليف الزراعة
من زاوية أخرى، أوضحت مراسلتنا أن أكبر التحديات التي تواجه المزارعين في المنطقة هذا العام هي ارتفاع أسعار المحروقات التي تؤثر إلى حد بعيد على تكاليف الزراعة، ففي العام الماضي، بلغت تكلفة حراثة الهكتار الواحد حوالي خمسين دولاراً أمريكيا، في حين تجاوزت تكاليف نثر البذور سبعين دولاراً أمريكيا للهكتار الواحد، هذا إضافة إلى ارتفاع تكاليف الأسمدة والمبيدات الزراعية التي أصبحت أكثر صعوبة في الحصول عليها.
وأوضح “محمود العلي”، أحد المزارعين في ريف تل حميس، لحلب اليوم، قائلاً: “الغلاء في أسعار المحروقات والأسمدة يجعل الزراعة أكثر صعوبة هذا العام. نحن نحتاج إلى دعم أكبر لشراء هذه المواد الأساسية. حتى عمليات النقل أصبحت مكلفة، مما يزيد أعباءنا”.
ومع تزايد التحديات، بدأ العديد من المزارعين في شمال شرق سوريا بالتحول إلى تقنيات زراعية حديثة كحلول لتحسين الإنتاج وتقليل التكاليف، من بين هذه الحلول، الزراعة العضوية التي تركز على تقليل استخدام المواد الكيميائية وتعزيز الأساليب الطبيعية التي تحافظ على البيئة وتحسن صحة التربة.
وبالنظر إلى التحديات المستمرة، يحتاج المزارعون في شمال شرق سوريا إلى مزيد من الدعم والتوجيه لضمان الاستدامة البيئية والاقتصادية في المناطق الزراعية، إذ تبقى الزراعة، على الرغم من كل الصعوبات، إحدى الركائز الأساسية للمجتمع في هذه المنطقة.