يعاني سكان قرى تل حميس الجنوبية، بريف الحسكة الشمالي، وخاصة في “مزرعة الكعيدية”، من أزمة مياه خانقة دفعتهم إلى اللجوء إلى حلول تقليدية لتأمين احتياجاتهم اليومية من مياه الشرب والغسيل، وسط غياب أي جهود من قبل الإدارة الذاتية الذراع المدني لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لتخفيف العبء على الأهالي.
وبحسب مراسلة حلب اليوم، فإن هذه الأزمة المستمرة تعود إلى عوامل عدّة، من بينها الجفاف المستمر، غياب الأنهار والبحيرات السطحية، وعمق الآبار الجوفية الذي يجعل حفرها مكلفاً للغاية، منوّهةً إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية ساهم أيضاً في صعوبة توفير المياه.
وأوضحت أن هذه الأزمة لا تقتصر على قرى تل حميس فقط، بل تمتد إلى مختلف أنحاء محافظة الحسكة، التي تعاني نقصاً حاداً في الموارد المائية؛ بسبب تراجع معدلات الأمطار وانخفاض منسوب نهر الفرات، فضلا عن ذلك، تؤثر التوترات السياسية على توزيع المياه بين المناطق، مما يزيد تعقيد الوضع.
الحمير كوسيلة لنقل المياه
تقول مراسلة حلب اليوم إن الأهالي في هذه المناطق اضطروا للعودة إلى الأساليب التقليدية كشراء وتربية الحمير لنقل المياه من مناطق بعيدة، مشيرةً إلى أن هذه الطريقة عكست حجم المعاناة التي يعيشها السكان يومياً في سبيل تأمين المياه الضرورية لهم.
تروي السيدة قدرية الحاج خليف، من سكان قرية “مزرعة الكعيدية”، معاناتهم المستمرة مع أزمة المياه، حيث قالت لحلب اليوم، إنهم يعتمدون أحياناً على المياه الملوثة من البرك الموسمية التي تجف في فصلي الصيف والخريف، مما يزيد معاناتهم.
وأضافت أنها تضطر لقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام لجلب المياه، مشيرةً إلى أنها تقطع مسافة تصل إلى ساعة ونصف لجلب برميلين من المياه على ظهر الحمار من القرى المجاورة مثل “الجبل” و”الكعيد”، التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات.
وتؤكد مراسلتنا أن هذه المعاناة لم تقتصر على “مزرعة الكعيدية” فقط، بل طالت قرى مجاورة مثل “الدويجة”، “تل عيد”، “القلعة”، و”الهرمة”، لافتةً إلى أن وسيلة استخدام الحمير أصبحت رئيسية لنقل المياه في ظل الظروف المعيشية الصعبة وغياب الحلول الجذرية.
من جهته، أكّد طلال.ن، من بلدة الكعيد بريف الحسكة، لموقع حلب اليوم أن صهاريج نقل المياه غائبة تماماً عن المنطقة؛ بسبب غلاء المحروقات التي تزيد سعر صهريج المياه أضعاف ثمنه الحقيقي، وخاصة أن المحروقات يزداد سعرها بشكل دوري، كان آخرها قبل أيام عندما رفعت مديرية المحروقات التابعة للإدارة الذاتية سعر المازوت ليصبح 6 آلاف ليرة سورية، بعد أن كان سعره 4700 ليرة سورية.
وأوضح طلال أن سعر المازوت أيضاً ارتفع في السوق السوداء إلى أكثر من 8 آلاف ليرة سورية خلال الأسبوع الماضي؛ بسبب عدم توفره في محطات الوقود، ولذلك بدأ سكان القرى اللجوء إلى استخدام الحمير لنقل المياه، لعدم قدرتهم على نقلها بسياراتهم الشخصية.
وتؤكد مراسلتنا أن أزمة المياه في الحسكة أصبحت تمثل رمزاً لمعاناة سكانها في سبيل الحصول على مياه الشرب، مشيرة إلى أن الوضع يعكس صراعاً مستمراً مع الطبيعة وظروف الحياة الصعبة التي يعانيها السكان في المنطقة.