دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان محكمة العدل الدولية لاتخاذ إجراءات مؤقتة إضافية بحق سلطة الأسد، ولقرار ملزم من مجلس الأمن يطالب بوقف التعذيب في سجونه، وذلك بمناسبة مرور عام على صدور قرار من المحكمة ضد السلطة.
من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إدراج عبد السلام فجر محمود، العميد في قوات الأسد، وزوجته سهير نادر الجندي وأبنائهما الأربعة البالغين، على قوائم العقوبات، بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وقالت الخارجية في بيانها إن “الولايات المتحدة رحبت منذ عام بأمر التدابير المؤقتة الصادر عن محكمة العدل الدولية، الذي دعا سلطة الأسد إلى اتخاذ جميع التدابير الفورية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وكذلك منع تدمير الأدلة على مثل هذه الأعمال”.
وفي إفادتها لموقع حلب اليوم، قالت يمن حلاق الباحثة في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن محكمة العدل لم تصدر قرار إدانة بحق السلطة، لكنها أصدرت تدابير مؤقتة، هي عبارة عن فرض إجراءات على السلطة حتى تمنع أعمال التعذيب بمراكز الاحتجاز من ناحية، ومن ناحية أخرى لحفظ الأدلة على وجود أعمال تعذيب بمراكز الاحتجاز، ومنع ما يتلفها.
وحول أهمية هذه الإجراءات أوضحت أنها “تكمن في الاعتراف بوجود هذه الممارسة كما أنها خطوة أولى لمحاسبة سلطة الأسد، ومهمة لمنع تعزيز فكرة قدرته على الإفلات من العقاب”، إلا أن “محكمة العدل سلطة قضائية وليست سلطة تنفيذية فهي تصدر الأحكام الملزمة ولكن ليست لديها قوة تنفيذية لتطبيق الاحكام وإجبار الطرف المدان على الخضوع لحكمها”.
وبحسب الخارجية الأمريكية فإن “هذا الأمر الصادر عن المحكمة العالمية يمثل رداً على الاستخدام الفاضح للتعذيب والمعاملة السيئة من قبل سلطة الأسد، وخطوة إضافية نحو محاسبة المسؤولين عن آلاف الضحايا والناجين من التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية في سوريا”.
وأكد تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن سلطة الأسد قتلت ما لا يقل عن 84 شخصًا تحت التعذيب واعتقلت 1161 مدنيًا، بينهم 18 طفلًا و43 سيدة وذلك من 16 تشرين الثاني 2023 حتى الآن، حيث كانت محكمة العدل الدولية أصدرت قرارًا في ذلك الوقت طالبت فيه سلطة الأسد باتخاذ تدابير لمنع التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، وذلك استجابة لدعوى من كندا وهولندا.
وأشارت إلى أن بعض المختفين قسريًا أُدرجوا في السجل المدني كوفيات دون توضيح سبب الوفاة، وأن حالات الاعتقال التعسفي استمرت رغم صدور مراسيم عفو، لم تشمل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.
وعن أهمية أن يصدر حكم بحق السلطة، قالت حلاق إن “هناك تدابير مؤقتة فقط صادرة بحقها، لكن صدور حكم الإدانة من محكمة العدل هو اعتراف دولي بأن نظام الحكم في سوريا مجرم.. طبعا الكل يعرف ذلك وهناك عشرات آلاف الأدلة عليه، ولكن بالنسبة للأمر الواقع هناك جهود ومحاولات للتطبيع، وصدور هكذا قرار من مجلس الأمن يعيق جهود التطبيع تلك”.
ومضت بالقول: “مع الأسف وبالنظر لما حدث من قبل فإن قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة بالمعتقلين والإخفاء القسري لم تنفذ على أرض الواقع، ومن المتوقع أن صدور قرار بشأن التعذيب لن يُنفذ على أرض الواقع أيضا، لكنه على الأقل سيُبقي القضية حية خصوصا مع موجات التطبيع التي تجري حاليا”.
وقد دعا التقرير محكمة العدل الدولية إلى اتخاذ إجراءات، بما في ذلك إصدار قرارات ملزمة لوقف التعذيب، ويشدد على ضرورة محاسبة سلطة الأسد على انتهاكاتها المستمرة.
وبحسب حلاق فإن هكذا قرارات “تؤكد أن العالم لا يتجاهل جرائم الأسد، ولا تزال هناك إمكانية لعقابه ومحاسبته، وستكون تلك بمثابة خطوات أولى مهمة جدا على مسار المحاسبة”.
وأوضح التقرير، أنَّ السلطة لم تتخذ أي خطوات جدية لوقف التعذيب أو اتخاذ إجراءات عملية للامتثال لمتطلبات قرار المحكمة الدولية، لافتاً إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا منذ صدور القرار، وذلك بسبب ممارساته المستمرة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري، بالإضافة إلى سياسات العفو التي استثنت المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وتعيين قيادات متورطة في جرائم ضد الإنسانية في مناصب حكومية رفيعة.
ولفت إلى النهج المتبع في إعادة تعيين الشخصيات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في مناصب قيادية مدنية وأمنية وعسكرية، بهدف تعزيز سلطته ومكافأة الشخصيات التي شاركت في قمع الحراك الشعبي وضمان بقاء سلطة الأسد.
وكان الأخير قد أصدر في 23 أيلول/سبتمبر الفائت مرسوماً بتشكيل حكومة جديدة برئاسة محمد غازي الجلالي، شملت 28 وزيراً، من بينهم 15 مسؤولاً على الأقل فرضت عليهم عقوبات أوروبية وأمريكية بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القمع العنيف للمدنيين وجرائم الحرب.
كما حافظ بعض الوزراء على مناصبهم، مثل وزير الداخلية محمد خالد الرحمون ووزير الدفاع علي محمود عباس، اللذين توليا مناصب قيادية منذ عام 2018، ولعبا دوراً محورياً في إدارة الانتهاكات ضد المدنيين.