ضربت غارات جوية إسرائيلية مواقع لقوات الأسد والميليشيات الإيرانية في ريف إدلب، موقعة قتلى وجرحى، بعد منتصف الليلة الفائتة، وذلك لأول مرة، فضلا عن استهداف مواقع أخرى في ريف حلب، بينما تستمر الضربات المكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكدت مصادر محلية عسكرية، أن الغارات استهدفت محيط مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، ومعامل الدفاع والبحوث العلمية في مدينة سفيرة شرق حلب، موقعة 7 قتلى ونحو 15 جريحًا.
وقال المرصد أبو أمين 80 العامل في إدلب، إن الغارات استهدفت مواقع في المنطقة الصناعية بسراقب، ومبنى البريد على أطرافها الشرقية قرب طريق حلب دمشق، وعلى الطريق الواصل بين المدينة وقرية كفر عميم بريفها الشرقي.
وأضاف أن الضربات طالت ميليشيات “سرايا العرين” و”سرايا عاشوراء” و”عصائب أهل الحق” المدعومة من إيران، فيما تحدثت مصادر محلية عن استهداف قياديين من ميليشيا حزب الله.
وفي تعليقه على تلك الغارات، قال المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، لموقع حلب اليوم، إن اللافت في الأمر هو درجة الاختراق الكبيرة لصفوف تلك الميليشيات، حيث من الواضح أن إسرائيل مصرة على ضرب أية أهداف لحزب الله أينما كانت.
وأضاف: “قد تكون الضربات خلال الليلة الفائتة بعيدة قليلا إلى الشمال عن حدود فلسطين المحتلة، ولكن بالنظر إلى الأمدية التي يملكها الطيران الإسرائيلي فلا أراها كمختص في هذا المجال ضربة لافتة”.
وأشار إلى أن “الطيران الإسرائيلي نفذ الضربات في البوكمال على بعد حوالي 800 كيلو متر من الأراضي الفلسطينية، والآن هناك حرب مع ميليشيا حزب الله، وكان بنيامين نتنياهو قد قال إن تل أبيب أينما وجدت أهدافا لحزب الله فسوف تضربها، وبالتالي إذا كان موقع لها في سوريا – والأهداف كثيرة – فستضربها إسرائيل أينما وجدت”.
وأعلنت سلطة الأسد أن الغارات استهدفت حوالي الساعة 45: 00 بعد منتصف الليل، عددًا من المواقع في ريفي حلب وإدلب، ما أدى إلى “إصابة عدد من العسكريين ووقوع خسائر مادية”.
وذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية، أن سربًا من الطائرات الإسرائيلية قطع أجواء الحدود الأردنية- السورية باتجاه الجولان المحتل، ليهاجم ريف حلب من فوق القاعدة الأمريكية في منطقة التنف عند مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية.
وأضافت أن الاستهداف طال مركز البحوث العلمية في السفيرة بريف حلب عبر أجواء البادية السورية.
وقالت مصادر محلية في محافظة درعا جنوبي البلاد، إن سربا من الطائرات الحربية الإسرائيلية خرق الأجواء السورية، وحلق في سماء المحافظة ليلا، قبل أن يتوجه نحو الشرق باتجاه التنف.
وأوضح أيوب أن “حزب الله أنشأ خلال الفترة الماضية مستودعات أسلحة كبيرة، حيث كانت تصل من العراق إلى سوريا، وتوضع الأسلحة في هذه المستودعات لفترات زمنية طويلة أو قصيرة قبل أن يتم نقلها إلى جنوب لبنان في الأوقات التي تناسب النقل، وبالتالي إذا كانت هناك استخبارات وقدرات واستطلاعية كبيرة تدل على وجود مستودع للأسلحة أو مقر للقياديين من الوزن الثقيل المطلوبين لدى إسرائيل؛ في سراقب فتستطيع الطائرات الحربية الإسرائيلية وحتى الطائرات المسيرة الحربية الإسرائيلية الوصول إليهم بسهولة واستهدافهم”.
من جانبها شنّت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية قصفا صاروخيا على أحياء مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي، ومدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، بعد تلك الضربات.
وتكرّر القصف المدفعي والصاروخي على المدينتين اللتين تشهدان نزوحا لعدد كبير من سكانهما، منذ أسابيع، وسط تصعيد مستمر للقصف، فيما لم ترد أنباء عن وقوع خسائر بشرية.
وأصابت القذائف مركز سرمين للرعاية الصحية الأولية، وقالت مديرية الصحة في إدلب، إن “القصف يمثل انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية وحق المدنيين في الحصول على الرعاية الصحية الآمنة”، حيث “يقدم المركز مئات الخدمات الطبية للمدنيين”.
قدرات خاصة للطيران الإسرائيلي
تبيع الولايات المتحدة الأمريكية أسلحتها لعدة دول في أنحاء العالم، وفي الشرق الأوسط، حيث إن تركيا والأردن ودول الخليج من ضمن أبرز المشترين لمختلف أنواع العتاد، بما في ذلك الطائرات الحربية.
لكن واشنطن “حرصت على أن يكون سلاح الجو الإسرائيلي أقوى سلاح جو في المنطقة”، وفقا للعقيد، إذ إن “خزانات وقود الطائرات الإسرائيلية مختلفة عن مثيلاتها لدى الدول التي تمتلك نفس الطائرات.. على سبيل المثال فإن طائرة F – 15 المصنعة لإسرائيل تختلف عن طائرة F – 15 الموجودة لدى باقي الدول العشرة التي تمتلكها؛ كذلك الأمر بالنسبة لطائرة F – 35 التي توجد فيها خزانات وقود إضافية تعطيها التفوق ومدى التحليق الكبير الذي يزيد عن باقي الطائرات بنصف قطر يبلغ حوالي 300 كيلو متر، كما أن طائرة F – 15 الموجودة لدى إسرائيل لديها فضلا عن الخزانات المعلقة؛ خزانات ملصقة توضع على أطراف مداخل الهواء وبالتالي تعطيها أيضا نصف قطر تحليق إضافي يبلغ ما بين 200 – 250 كيلو مترا”.
ويؤكد الخبير العسكري أن “الأسلحة التي تملكها بعض الطائرات الإسرائيلية تعطيها أيضا مدى أبعد للتأثير، فيوجد مثلا صاروخ تحمله تلك الطائرات يبلغ مداه ما بين 200 – 250 كيلو مترا، ويوجد صاروخ آخر يبلغ مداه أكثر من 300 كيلو متر، وهناك صواريخ يبلغ مداها 350 كيلو متر، مؤلفة من مقطعين كانت تركب أساسا على راجمات الصواريخ الشهيرة الأمريكية “هيمارس” وتم تحويلها إلى قذائف جو – أرض وبالتالي تستطيع إصابة أي هدف بدقة على مسافة تصل إلى ما بين 200 – 250 كيلو مترا”.
كما “تملك إسرائيل أيضا منظومة تشويش ومنظومة حرب إلكترونية متطورة جدا، وطائرات شبحية F- 35″، ولكن المهم في الأمر هو القدرة على جمع المعلومات.
اختراق استخباراتي كبير
كان من اللافت جدا قدرة تل أبيب على الوصول إلى أماكن وجود قياديي حزب الله، سواء في سوريا أو لبنان، وإلحاق ضربات موجعة بالميليشيا، منذ بداية الحرب، الأمر الذي علق عليه الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد عندما قال إن طهران عينت مسؤولا لمكافحة التجسس لكن تبين أنه عميل للموساد.
وقال العقيد أيوب إن “الهدف موجود في هذه المنطقة وواسطة التأثير على هذا الهدف موجودة لدى إسرائيل، وتستطيع أن تضرب أهدافا في عمق العراق وفي المحافظات الإيرانية الغربية كلها بدون أن تتزود بالوقود، واستطاعت إسرائيل أن تضرب حلب في عام 1973 بالفانتوم وطائرة F-4”.
لكن المهم في الأمر هو “الخرق الاستخباراتي للقوى الموجودة في سوريا، والقدرة على جلب المعلومات الاستطلاعية والاستخباراتية”، مما يدل على أن “هناك خروقات كبيرة”.
ويضيف أيوب: أن “السبب في هذه الخروقات هو الحالة المادية السيئة لدى عناصر الميليشيات، فتستطيع بالمال أن تشتري الجواسيس”، كما أن “إسرائيل تملك منظومة أقمار صناعية من “أفق-1” إلى “أفق-7” وربما “أفق-8″ أيضا”.
ويمضي بالقول: “الطيران المسير ومنظومات الاستشعار عن بعد، والجواسيس، كل هؤلاء تستطيع إسرائيل من خلالهم أن تحصل على المعلومات وأن توجه هذه الضربات فالعمل يكون متكاملا ومع الأسف فإن بلادنا أصبحت مرتعا لأجهزة المخابرات العالمية ومن بينها الموساد وهو موجود في سوريا بالتأكيد”.
ومن المعروف – بحسب العقيد – أن “لدى جهاز الموساد ملياري دولار مخصصة ضمن الميزانية كنفقات مستورة، وعندما نقول نفقات مستورة فيعني ذلك أنه يستطيع إنفاق هذه الأموال من أجل الحصول على المعلومات؛ وبالتالي الحصول على أهداف مؤكدة ومؤرشفة ومصورة مع إحداثياتها”.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، قد قال قبل إقالته الأسبوع الماضي، أن تل أبيب ترفض بقاء سوريا ساحة ومعبرا لإيران وميليشياتها، وهي “في حاجة إلى وقف نقل الأسلحة من إيران عبر سوريا والعراق إلى لبنان”.