جدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته بالقضاء التام على حزب العمال الكردستاني pkk، وقوات قسد بصفتها “فرعه في سوريا”، مطالبا الولايات المتحدة برفع يدها عنها، وسط توتر بالمنطقة أعقب هجوما داميا على مركز عسكري في أنقرة.
وقال في تصريحات للصحفيين على متن طائرة عائدة من مدينة قازان الروسية، عقب مشاركته في قمة بريكس، أمس الجمعة، إنه يتعهد بـ”القضاء على الإرهاب من منبعه في سوريا”، وبـ”مواصلة المعركة ضد المسلحين حتى النهاية”، مؤكدا أن “تركيا ستواصل أعمالها لاجتثاث الإرهاب من جذوره، وإن كان ذلك بسوريا فسنفعل ما تقتضيه الضرورة”.
وكانت أنقرة قد شهدت هجوما مفاجئا يوم الأربعاء الفائت، نفذته مجموعة تابعة لحزب العمال الكردستاني pkk، داخل مقر لشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية “توساش”، ما تسبب بمقتل 5 أشخاص وإصابة 22 آخرين.
وحول ما إذا كانت تهديدات الرئيس التركي تنطوي على تصعيد جديد في سوريا، قال المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، في حديثه لموقع حلب اليوم، إن الردود التركية التي شملت الغارات على مواقع حزب العمال في جبل قنديل وفي سوريا؛ مستمرة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنها قصفت عشرات الأهداف التابعة لحزب العمال الكردستاني وحلفائه في شمال العراق وسوريا، فيما ذكرت وسائل إعلام تابعة لقوات قسد، أن الضربات شملت مراكز نفطية.
وعقد أردوغان اجتماعا أمنيا رفيعا يوم الخميس الفائت في إسطنبول، لمناقشة هجوم أنقرة وتبعاته، مؤكدا أن بلاده “ستذهب في مكافحة الإرهاب إلى حيث يتطلب الأمر، بما في ذلك في سوريا”، وأنها “عازمة على تجفيف الإرهاب من منابعه”.
وقال أيوب إن حزب Pkk معاد لتركيا ولديه أجندة، وتدعمه دول كبيرة على الصعيد العالمي، و”هذا الحزب يُحَرَّك بالريموت كنترول والضربة التي حصلت في أنقرة، وفي بعض المواقع التركية ربما تكون مدروسة أو مدفوعة من بعض الدول التي لها مصلحة من أجل تنفيذ أجندة معينة”.
قسد ترد بالقصف وتركيا تطالب واشنطن برفع الغطاء عنها
أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” قسد، قصف قواعد عسكرية تركية في شمالي سوريا، “ردًا على القصف التركي”، وقالت في بيان أمس الجمعة إنها نفذت “عمليتين عسكريتين ضد الجيش التركي والجيش الوطني السوري”.
وقد طال القصف مناطق مدنية في أعزاز وغيرها بريف حلب، وقالت قسد إنها استهدفت بالأسلحة الثقيلة القواعد العسكرية التركية في محيط قرى عنيق الهوى وباب الفرج بريف ناحية أبو راسين شمالي محافظة الحسكة، وقاعدة عسكرية في قرية العزيزية قرب تل تمر، شمال غربي المحافظة.
وقال أيوب إن “الأتراك يشيرون إلى أن أمريكا تدعم حزب العمال، وهذا صحيح فهي من تدعمه وباستطاعتها أن تقدم له صواريخ مضادة للطائرات، ولكن هذا الأمر دونه خط أحمر، فهم يعلمون أن تسليم هذه الأسلحة لتلك الميليشيات قد يكون وبالا عليهم”.
وأضاف: “حتى الروس متفقون مع الأمريكيين على هذا الموضوع، ومن ثم يبقى حزب العمال كالعصى التي تهدد تركيا بين الفينة والأخرى من أجل أجندات سياسية، ما يعني أن أمريكا لن ترفع يدها عن حزب العمال طالما أنه ينفذ أجندتها في المنطقة، وطالما أن هناك محاولة استقلال في القرار التركي عن أمريكا، فسوف يبقى حزب العمال ينفذ بعض الأعمال التي تؤذي أنقرة”.
ومضى بالقول: “لا نعرف ماذا يجري في الاجتماعات السياسية بين المسؤولين الأتراك والأمريكيين.. لست مع نظرية المؤامرة، بل إن أمريكا هي من يقود الأعمال التخريبية في المنطقة بشكل تام، انظر إلى العراق كيف أسقطوا صدام حسين منذ عام 2003، حتى الآن العراق يعوم على بحر من الدماء، ولا تعرف كم عدد الميليشيات الموجودة التي تدعمها واشنطن، والتي كانت تتقاضى الأموال منها، وفي سوريا أيضا دعمت قسد، وفصلت شمال شرق سوريا وهناك منطقة الخمسة وخمسون كيلو قرب التنف، والآن إسرائيل حرقت غزة وتحرق لبنان.. حتى في السودان البصمات الأمريكية موجودة”.
ويؤكد العقيد أن أمريكا “لن تسمح لأحد بأن يتدخل في هذه الملفات تحت الطاولة، لكن على وسائل الإعلام تتظاهر بأنها تعمل على الاستقرار، وإحلال السلام بينما تنفذ مشروع الشرق الأوسط الجديد لتحقيق مطامع إسرائيل بقيام دولة من الفرات إلى النيل.. وعلى هذا تقوم كل الحركات المسلحة الموجودة، وضعف هذه الدول كله يخدم مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير في المنطقة”.
ما هو الممكن بالنسبة لتركيا؟
استهدف القصف التركي مواقع تابعة لقوات قسد في القامشلي والمالكية بريف الحسكة شمال شرقي البلاد، قبل ظهر اليوم السبت، في ثالث أيام القصف الانتقامي الذي أعقب هجوم أنقرة.
وبحسب المصادر المحلية فقد قتل 3 عناصر من قسد وأصيب آخرون بقصف جوي على موقعهم قرب تلة جارقلي غربي عين العرب بريف حلب الشرقي، كما ضرب الطيران المسير التركي مستودع أسلحة وحاجزا ومعسكرا تدريبيا في مدينة عامودا وقرية جولي بريف الحسكة.
ورغم مواصلتها استهداف النقاط العسكرية التركية بالصواريخ، بدت قسد حريصة على عدم استفزاز أنقرة، حيث قال قائدها العام مظلوم عبدي إنهم “اتخذوا قرارا بعدم القيام بأي عمليات عسكرية داخل تركيا”.
ومع حديث أردوغان عن “الاستئصال” يرى العقيد أيوب أن “هذا أمر صعب، فمركزهم في جبال قنديل، وهذه جبال صعبة للغاية.. تركيا تكافحهم منذ 40 عاما، ولم يستطيعوا إنهاءهم، وحتى جبال قنديل قد تشهد حربا إقليمية بين العراق وتركيا لذا فإنهم ربما سيكتفون بهذه الضربات حتى يصل صوتهم أيضا إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.
وتشير تقديرات وزارة الدفاع التركية إلى مقتل 11 فردًا من حزب العمال وقوات قسد في شمالي سوريا، حيث استهدف الجيش التركي 120 موقعًا حتى صباح اليوم.