يشهد الإقبال على اللحوم انخفاضا في إدلب وعموم شمال غربي البلاد، خاصة الحمراء منها، بسبب ارتفاع أسعارها المستمر منذ سنوات، في مقابل انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين.
وبالرغم من هطول أمطار جيدة خلال موسم الشتاء الفائت، وتحسن أسعار الأعلاف، إلا أن التكاليف المرتفعة جراء عدة عوامل تحول دون انخفاض الأسعار إلى الحد المقبول.
وبحسب مراسل حلب اليوم، فإن أسعار لحم الخروف تبدأ من 400 ليرة تركية فصاعدا للكيلو الواحد، ولذلك فإنه من المستحيل بالنسبة للعامل الذي يبلغ متوسط أجره اليومي نحو 100 ليرة؛ أن يستطيع شراء اللحم.
وتوجد بدائل وخيارات أقل كلفة لكنها تبقى مرتفعة، مثل لحم الأنثى (فطيمة) التي يتراوح سعر الكيلو منها بين 250 و 270 بحسب هزالتها أو سمنها، لكن هذا السعر يبقى مرتفعا.
يقول أبو حسن، وهو لحّام يعمل في مدينة إدلب إن ارتفاع أسعار لحوم الغنم دفع الناس للإقبال على الفروج كبديل أرخص ثمنا، أو ربما يلجأ البعض لشراء لحم الغنم الهزيل الذي يتراوح حول 300 ليرة.
ويبيع أبو حسن كميات قليلة رغم موقعه الجيد في السوق، وهو معروف بين زبائنه بنظافة محله وجودة بضاعته، لكن قلة المال في أيدي الزبائن هي السبب الأساسي، حيث يطلب معظم الزبائن كميات قليلة بالأوقيات.
من جانبه قال الشاب محمود الذي يعمل في محل فروج، إن الإقبال لديهم أكبر من محال لحم الغنم، ويؤكد أن هذا الأمر طبيعي بسبب الفارق في الأسعار، ولكن حتى لديهم هناك ضعف نسبي في الشراء.
يضيف الشاب أن معظم الزبائن يشترون كميات قليلة، من فئة النصف كيلو والربع أحيانا، وذلك بالنسبة للشيش أو الكباب، رغم أن سعر الكيلو منه يتراوح بين 80 و 90 ليرة فقط، فيما يشتري كثيرون الرقاب لرخص ثمنها، حيث يتم طبخ مرقة باستعمالها لتؤمن بديلا عن “الزفر”.
ولا تعتبر الأسعار بحد ذاتها مرتفعة، ولكن ضعف المدخول وقلة فرص العمل هي المشكلة الأساسية، فبحسب آخر تقديرات فريق “منسقو استجابة سوريا” التي نشرها يوم الأربعاء الفائت، فقد بلغ حد الفقر المعترف به 11200 ليرة تركية، فيما بلغ حد الفقر المدقع 10400 ليرة.
ومع النظر إلى انتشار البطالة، وقلة الأجور يكون أكثر من 90% من سكان شمال غرب سوريا تحت خط الفقر، وأكثر من 40% تحت حد الجوع، وفقا للمصدر نفسه.
يلجأ أبو محمد إلى شراء لحم العجل بديلا عن لحوم الأغنام، رغم كونه ميسورا، حيث يؤكد أن انخفاض المدخول طال الجميع وهو من جملتهم، وأنه بات من الصعب عليه شراء اللحم لأفراد عائلته الستة كما كان معتادا منذ زمن.
ويبلغ سعر لحم العجل بين 250 و260 ليرة تركية، في محافظة إدلب، وهو ذو طعم وقيمة غذائية جيدة، حيث يلجأ كثير من السكان لخلطه مع دهن الخروف للحصول على نكهة مشابهة تماما، ويمكن استعمال لكافة أنواع الطبخ.
وتبقى هناك فئة من السكان – وإن كانت قليلة – من القادرين على شراء اللحوم بأصنافها، سواء النيئة أو المشوية، كما يؤكد أبو إياد صاحب محل المشاوي شمال إدلب.
يقول الرجل الخمسيني إن مطعمه يقدم يوميا كميات لا بأس بها من اللحوم المشوية، حيث توجد طبقة من ميسوري الحال ممن لا يزالون يقبلون على تلك الوجبات الدسمة رغم ارتفاع سعرها، حيث تتجاوز قيمة كيلو كباب الغنم الواحد 500 ليرة تركية، فيما يتراوح سعر كباب الفروج بين 130 و 150، مما يجعله البديل الذي يلجأ إليه كثير من السكان.
ولا يزال الشمال السوري عموما، يعاني من انخفاض كبير في الأمن الغذائي، حيث تحتل سوريا المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 12.1 مليون سوري – أكثر من نصف السكان – في قبضة الجوع، وأن 2.9 مليون شخص آخر معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي في زيادة بنسبة 52 في المائة في عام 2023 مقارنة بالعام السابق له.