يتحول العام الدراسي الجديد في كل سنة من فرحة مفترضة للأهالي مع نمو أولادهم وتقدّمهم، إلى هم وعبء يضاف إلى كاهل الأسر عموما والآباء خصوصا، في الشمال السوري، وذلك بسبب التكاليف التي يصاحبها انخفاض الدخل والتضاؤل المستمر للقدرة الشرائية.
وتُسجل معدلات الفقر ارتفاعا مطردا، مع نزول المزيد من العوائل شهريا إلى قاع العوز، حيث باتت نسبة العائلات التي تقع تحت حد الفقر في الشمال السوري نحو 91%، وفقا لآخر التقديرات التي نشرها فريق منسقو استجابة سوريا، منذ أشهر.
ويقول “عبد السلام .ر” لموقع حلب اليوم، إنم لم ينتهِ من شراء وإعداد المؤون الصيفية لأسرته المكونة من 6 أشخاص، حتى بدأ العام الدراسي الجديد بما يحمله معه من تكاليف قد لا تكون كبيرة، ولكنها بالنسبة له تشكل عبئا فعليا.
يقول الرجل الخمسيني إنه بالكاد يجني في دكانه المخصص لبيع الحلويات، ببلدة الدانا شمال إدلب، ما يكفي للمصاريف اليومية، حيث أدى ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للسكان في الشمال السوري إلى ضعف الإقبال على منتجاته من البقلاوة والهريسة وغيرها.
وعليه أيضا أن يقتطع من ربحه ما يقرب من 300 دولار في كل شهر؛ 175 منها لدفع إيجار المحل، و115 أخرى لدفع إيجار المنزل، فضلا عن المصاريف اليومية للعائلة.
أمام ذلك بات تأمين كلفة العام الدراسي التي يُقدرها بنحو 300 دولار أمريكي لأولاده الأربعة مشكلة بالنسبة للرجل، مع العلم بأن عليه تأمين “مونة الشتاء” من المحروقات، لمواجهة البرد المقبل.
وبدأ العام الدراسي الجديد بإدلب، في 28 من أيلول الفائت، وسط عروض على القرطاسية ومستلزمات الطلاب بأسعار متفاوتة، خصوصا في فعالية أسواق إدلب بنسختها الثالثة، التي انطلقت في 20 من أيلول وانتهت مع بداية الشهر الحالي.
وتبقى الأسعار مرتفعة رغم “التخفيضات” و”العروض”، فمع أجرة يومية للعامل تتراوح بين 70 و100 ليرة تركية (تعادل 3 دولارات أمريكية)، يصبح سعر الحقيبة البالغ 125 – 250 ليرة تركية غاليا، حيث إن على الأب أن يؤمن لأولاده القرطاسية، فيما تتكفّل المدارس بعبء تأمين الكتب.
ورغم كون نظام التعليم قد تجاوز اللباس الموحد في الشمال السوري، فإنه ما يزال على الأهالي تأمين لباس لائق إلى حد ما، حيث فشلت محاولات سابقة لطرح لباس مدرسي موحد، لعدة أسباب أبرزها انتشار البطالة والفقر في أوساط الأهالي.
وتراوحت تنزيلات الأسعار بين 30% و 50%، مما ساعد الأهالي على تخفيف التكاليف، وشراء بعض الحاجيات الكمالية التي قد يتطلبها الأطفال مثل “اللانشون بوكس” وعلب المساطر والأقلام وما إلى ذلك.
وكحال كل البضائع في الشمال السوري، وجد بعض الأهالي ضالتهم في “المستعمل” و”الأوروبي”، حيث يوجد لدى بعض باعة الألعاب أغراض مدرسية بجودة أفضل وأسعار أقل، إلا أنها في الغالب مستعملة.
ويتزامن بدء العام الدراسي مع حلول فصل جديد، ما يعني أن على الأسر تأمين ألبسة جديدة لأولادهم، وهو ما يدفع الكثيرين أيضا للتوجه إلى المستعمل أو ما يعرف باسم “البالة”، وهي على درجات مختلفة.
يذكر أن القطاع التعليمي في الشمال السوري يعاني مشاكل جمة، تتمحور أغلبها حول ضعف التمويل، وقلة رواتب المعلمين، وتسرب عدد كبير من الأطفال واتجاههم للعمل من أجل إعالة أسرهم.