ضجت قنوات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأخبار وصور قصف إيران “الواسع” و “العنيف” على الأراضي المحتلة، والمواقع العسكرية للجيش الإسرائيلي، خلال الليلة الماضية، وسط أحاديث عن اندلاع “حرب واسعة” بالمنطقة.
وسرعان ما تبين أن المئتي صاروخ التي أُطلقت من إيران على إسرائيل لم توقع خسائر تُذكر، لا مادية ولا بشرية، باستثناء وفاة مستوطن بعد القصف بنحو 15 ساعة جراء جلطة قلبية.
ورغم أن إيران قصفت إسرائيل بوابل من الصواريخ غير مسبوق (200 صاروخ بحسب طهران)، واستهدفت العديد من المناطق الإسرائيلية، وأجبرت المستوطنين على النزول للملاجئ، لكن ذلك لم يؤد لأي نتائج عسكرية.
وفي تعليقه على ذلك قال المحلل الإستراتيجي والعسكري العقيد إسماعيل أيوب، لموقع حلب اليوم، إن إسرائيل كانت على علم مسبق بالضربة، كما أن الصواريخ كانت عشوائية.
وذكر الحرس الثوري الإيراني أن الضربات لم تستهدف سوى القواعد العسكرية، بما فيها المطار الذي انطلقت منه الطائرة المشاركة في تصفية حسن نصر الله جنوب لبنان، وذلك بحسب وصف المصدر.
لكن الصور القادمة من الأراضي المحتلة تظهر حجم انفجار صغير وأضرارا قليلة في مواقع سقوط الصواريخ، مما يثير الأسئلة حول حجم الرؤوس المتفجرة، بالمقارنة مع الدمار الواسع الذي نجم عن استهداف المدنيين في سوريا خلال سنوات سابقة.
ويقول العقيد أيوب إن تل أبيب كانت تعلم بوقوع الضربة قبل توجيهها من قبل طهران، وهي تلقت معلومات إما من قبل الأمريكيين أو الإيرانيين أنفسهم، مما أتاح الوقت للتحرك، وأزال عنصر المفاجأة.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية أن الإيرانيين أبلغوا واشنطن بنيتهم شن الضربات، لتقوم الأخيرة بإبلاغ تل أبيب، وهو ما أنكره الحرس الثوري نافيا إبلاغ أية جهة.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد أكد أن إيران اتصلت بهم وأبلغتهم نيتها ضرب صواريخ على محيط قاعدة أمريكية بريف دير الزور شرق سوريا، ردا على تصفية قاآني.
وقال أيوب إن الإسرائيليين أعلنوا بدء الضربات فور انطلاق الصواريخ من إيران، ومن ثم كان هناك متسع من الوقت مدته سبع دقائق (ريثما تصل الصواريخ عبر الأجواء) لنزول المستوطنين للملاجئ، فضلا عن كون الصواريخ باليستية وبدون أي توجيه أي أن ضرباتها عشوائية ومعظمها نزلت على مناطق مفتوحة ليس فيها سكان.
ووصف الضربة بأنها “استعراضية”، ورغم كونها رسالة لإسرائيل فهي تهدف إلى “حفظ ماء الوجه”، فضلا عن أنها “أثرت بشكل معنوي على المجتمع الإسرائيلي والجيش.. لكن بشكل عام لم تؤثر على إسرائيل ولم توقع خسائر بشرية، حتى الخسائر المادية كانت محدودة”.
وبدت كثير من الانفجارات صغيرة الحجم في مقاطع الفيديو المتداولة، لكن ذلك ليس قطعي الدلالة بسبب بعد المسافات وقلة دقة التصوير، فيما قال بعض المتابعين إن الرؤوس المتفجرة كانت صغيرة، لكون الصواريخ بعيدة المدى.
لكن العقيد أيوب أكد أن الصواريخ البالستية تُحمّل عادة برؤوس متفجرة كبيرة، لإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار، لتعويض قلة دقتها في الإصابة، إلا أنه لا معلومات متوفرة حول أوزان الرؤوس التي استخدمت في ضربة أمس.
وأكد الحرس الثوري الإيراني في بيان أمس، أن الهجمات انتهت، مؤكدا أنه لن يكررها ما لم ترد القوات الإسرائيلية عليها، في تكرار للتصريحات الإيرانية المتحفظة على الدخول في حرب.
من جانبها أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها اعترضت بعض الصواريخ الإيرانية التي أُطْلِقَت على إسرائيل، مؤكدة دعمها المطلق لها.
واستدعت تلك الضربات مواقف دولية واسعة، حيث أكدت دول أوروبية في مقدمتها فرنسا وألمانيا وقوفها ضد إيران، فيما دعت روسيا والصين للتهدئة ووقف النار.
من جانبه تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرد، قائلا إن طهران “ارتكبت خطأ كبيرا وستدفع ثمنه”، قبل أن يبدأ باجتماع طارئ لمجلس الوزراء السياسي والأمني في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء.
أما هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، فقد توعدت “بتدمير واسع النطاق” للبنية التحتية الإسرائيلية ردا على أي هجوم.