أشاد مسؤولون حكوميون ووسائل إعلام نمساوية بمساهمة السوريين في توزيع المساعدات على المتضررين، وتنظيف المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة.
وشهدت البلاد في 18 أغسطس/ آب الفائت، أسوأ فيضان منذ 152 عاما، حيث سُجِّل معدل قياسي لهطول الأمطار في فيينا وعواصف عاتية في جبال الألب، وغمرت الأمطار الغزيرة أجزاء في النمسا، وأغلق الطرق وأدت إلى حدوث فوضى مرورية، فضلا عن الانهيارات الأرضية، وفقا لتلفزيون DW.
وسلطت وسائل الإعلام المحلية الضوء أيضًا على التنسيق المميز بين السوريين وفِرق الإغاثة، خصوصًا في المناطق الريفية المتضررة مثل بورغنلاند وشتايرمارك.
وفي تعليقه على ذلك قال بسام العيسمي الحقوقي والمحامي والسياسي السوري المقيم في النمسا، لموقع حلب اليوم، إن “مبادرة الجالية السورية الحرة في النمسا بتقديم المساعدات للمتضررين وتنظيف المناطق المتضررة من الفيضانات” لاقت ردود فعل مرحبة في البلاد.
وصدرت تصريحات رسمية من مسؤولين حكوميين تثني على جهود اللاجئين السوريين، مؤكدة أن مشاركتهم الفعالة في الإنقاذ كانت عاملًا أساسيًا في تسهيل عمليات الإغاثة.
وكانت تغطية هذا العمل من قبل وسائل الإعلام النمساوية بموضع التقدير لدى بعض المسؤولين الحكوميين في النمسا، كما لاقت استحساناً لدى قطاعات كبيرة من الشعب النمساوي، ما ساهم بتغيير الصورة السلبية التي سُوِّقَت مؤخراً حول اللاجئين، وفقا للعيسمي.
ويؤكد السياسي السوري، أن هناك جهات تستثمر ببعض السلوكيات المنحرفة لبعض المراهقين السوريين، من أجل تشويه صورتهم، رغم أنها لم تكن تعبّر عن الحالة الجمعية للاجئين السوريين الذين حققوا نجاحات كبيرة وحالة اندماج متقدم في النمسا قياسا بالجاليات الأخرى.
وتستضيف النمسا حوالي 146,000 لاجئ وآخرين من حملة صفة الحماية الفرعية، وأكثر من 18,000 طالب لجوء، ويشكل السوريون معظم اللاجئين (ما يقرب من 58,000) يليهم الأفغان (حوالي 41,000)، وهم أيضاً من الجنسيات الأولى من حيث طالبي اللجوء، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وللمفوضية حضور في النمسا منذ عام 1951، وقد شهدت أول حالة طوارئ لها مع نشوب الانتفاضة الهنغارية في عام 1956، وبالإضافة إلى مكتب المفوضية، تستضيف فيينا أيضاً مكتب تنسيق المفوضية مع المنظمات الدولية مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
ويصف العيسمي التعاطي الإعلامي مع اللاجئين السوريين في النمسا بالجيد، موضحا أنه “ضمن المساحة المقبولة والجيدة”، وخاصة في ظل المزاج الحكومي والشعبي العام غير المرحب باللاجئين في السنوات الأخيرة ليس على مستوى النمسا فقط، بل على المستوى الأوربي.
ومع صعود اليمين وفوزه بمساحات كبيرة من مطارح القرار والسلطة في عدة بلدان أوروبية، مثل ألمانيا وهولندا والسويد، تراجعت أوضاع اللاجئين عموما بمن فيهم السوريون.
وسيكون في غاية الأهمية اعتبارا من الآن “إظهار الصورة الحقيقية والحضارية للسوريين من خلال احترام القوانين والثقافة النمساوية والنظام العام النمساوي والاندماج الإيجابي في المجتمع”، وفقا للعيسمي.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين بالنمسا حتى العام الحالي وحسب بعض الإحصائيات نحو 58 ألف شخص، من إجمالي 146 ألف لاجئ، ولكن “هذه الأعداد ليست قليلة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدد سكان النمسا الذي لا يتجاوز تسعة ملايين وخمسمائة ألف نسمة، إضافة لوجود أكثر من مليون وثمانمائة ألف نمساوي من أصول أجنبية”.
وتقول المفوضية في فيينا إنها تعمل على حماية اللاجئين المعترف بهم، وممن لديهم صفة الحماية الفرعية وطالبي اللجوء والأشخاص عديمي الجنسية، ويشمل ذلك مراقبة قوانين الدولة وظروف الاستقبال والإدماج، بالإضافة إلى الدفاع عن الأشخاص الخاضعين لولاية المفوضية لدى السلطات وأصحاب المصلحة المعنيين.
وبالرغم من كون النمسا بلدا مريحا نوعا للاجئين، إلا أنها تعتبر من أقل البلدان التي يقصدها المهاجرون، نظرا لوجود فرص أكبر في بلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا والسويد.