لا تزال ظاهرة استنشاق الأطفال لمادة الشعلة منتشرة في الشوارع والأماكن العامة، بمناطق سيطرة الأسد، ما يُنذر بمستقبل مخيف لهؤلاء، وآثار سلبية جدا على المجتمع السوري، وسط انتشار واسع للإدمان على المواد المخدرة ولمختلف الشرائح.
ويلجأ الأطفال لاستنشاق تلك المادة لأنها تعطي تأثيراً يشبه مفعول المواد المخدرة في الدماغ، بحثا عن نشوة مؤقتة في ظل حالة القلق والضياع التي يعيشونها في الشوارع بلا مأوى وبعيدا عن مقاعد الدراسة.
يقول “أحمد ش” وهو نازح من ريف إدلب الشرقي، ومقيم في مدينة حلب، لموقع حلب اليوم، إن منظر هؤلاء الأطفال بات معتادا في كافة أنحاء البلاد الواقعة تحت سيطرة السلطة، إلا أن كثافتهم تزيد في العاصمة دمشق.
وفي عاصمة الشمال (حلب) هناك عدد غير معروف من هؤلاء الأطفال المشردين، لكن أحمد يقدر عددهم بالمئات، لافتا إلى شريحة أخرى من الأطفال غير المشردين لكنهم يتعاطون مواد مخدرة.
وأوضح أن هناك حالة من الانهيار الاجتماعي في أوساط قسم من سكان المدينة، ازدادت موخرا، وهي تكثر في الأحياء الفقيرة، مع الدمار الواسع وارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل، حيث يتجه هولاء الأطفال يوميا للعمل في شتى المهن، وأيضا للبحث في أكوام القمامة لإعالة أهاليهم.
ويتعاطى الأطفال عدة أشياء غريبة، كالبحث عن البنزين لشم رائحته، وتناول دواء السعال أو شرب الكحول المطهر (سبيرتو)، لكن الشعلة تأتي في راس القائمة، وهي مادة لاصقة معروفة، تحتوي مادة البولي كلوروبرين ربر، ومذيبات عضوية مثل التولوين ومواد مساعدة أخرى، ما يعني أن استنشاقها من كيس بلاستيكي يزيد من خطر الاختناق.
ويقول موقع “هاشتاغ” الموالي لسلطة الأسد، إن هذه الظاهرة يمكن مشاهدتها على قارعة الطرق في مدينة اللاذقية، وخلف حاويات القمامة، وفي الأبنية المهجورة، حيث يتجمع الأطفال لاستنشاق الشعلة “بحثاً عن جرعة سعادة وهرباً من الواقع المرير”.
ويسبب التعرض للشعلة إعاقة ذهنية للطفل، ويؤثر على التطور الدماغي له و انخفاض نسبة الذكاء وظهور حالات تخلف عقلي، كما أن مادة التولوين تسبب أضراراً كبيرة على الجسم، ما يؤدي إلى اضطرابات كالجهد البصري أو ضمور بصري، واعتلال الأعصاب والمخيخ، واضطرابات معرفية، وأذيات قلبية، إضافةً إلى أضرار في الرئتين والحنجرة.
ولا يقتصر انتشار الإدمان على الأطفال بل بات تعاطي الحبوب المخدرة والكبتاغون أمرا شائعا في المدارس الثانوية والجامعات، منذ سنوات عدة، إذ تعتبر مناطق سلطة الأسد مكانا خصبا لإنتشار المواد الممنوعة بالتعاون مع حزب الله.